تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ندوة خاصة عن آفاق مؤتمر الحوار : هذا الذي نريده من الغرب، و" وثيقة المدينة " لابد أن


عاشقة الرسول
06-06-2008, 06:26 AM
الحوار الأسلامي... (http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20080606/Cat2008060642775.htm)
ندوة «عكاظ»: مبادرة الملك عبدالله تخدم قضايا الأمة (1)
خادم الحرمين الشريفين يؤسس لمرحلة جديدة من الحوار للتواصل مع شعوب العالم


أدار الندوة: طالب بن محفوظ
بدأ أمس الأول المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، وبدأت جلساته ومناقشاته تتفاعل بعد افتتاحه برعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ الذي دعت مبادراته للحوار مع الآخر إلى تعميق المعرفة بالحضارات والثقافات الأخرى كمرحلة جديدة للحوار الهادف البناء مع الآخر لإزالة الشوائب التي أفرزتها الأحداث في ظل ظهور العولمة وما تلاها من احداث عالمية متلاحقة .هذا المؤتمر الذي بدأ لترتيب البيت الاسلامي من الداخل للانطلاق نحو حوار عالمي برؤية إسلامية واحدة ووضع إستراتيجية شاملة لحوار المسلمين مع غيرهم من أتباع الثقافات والعقائد المختلفة من شعوب العالم، وتحديد مفهوم الحوار ومنطلقاته وأهدافه ووسائله وبرامجه.
وكلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح المؤتمر أكدت على العديد من المعاني الرامية لحوار بهذه المفاهيم والرؤى انطلاقاً من النصوص القرآنية التي أمرنا الله فيها بالحوار، ومن خلال الهدي النبوي التي عبرت عنه «وثيقة المدينة» التي عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود والمشركين في المدينة المنورة التي تعد خير مثال للواقع العملي للحوار والتسامح والعيش بسلام وأكدت على المصالح المشتركة.
كما أن خادم الحرمين الشريفين أراد أن يؤكد أن الحوار ضرورة لتعريف الآخر بمبادئ الإسلام، مع دعوته للعلماء والمفكرين للتواصل مع شعوب العالم بالحوار، وتكوين رأي عام عالمي يناصر قضايا الأمة الاسلامية ، والتنسيق بين المنظمات الإسلامية للتعاون في مجال الحوار مع الآخر،و العمل المشترك وعقد المزيد من اللقاءات الحوارية، إضافة لإيجاد هيئة إسلامية عالمية للحوار تحقق وحدة المسلمين.
حول هذه النقاط التى تأتي كدستور للحوار في المرحلة القادمة تتشرف ندوة «عـكاظ» بتناول آفاق الحوار كثقافة تسامح ودعوة للتواصل وفيما يلي التفاصيل:
مبادرة الملك عبدالله
عـكاظ: خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بذل ويبذل جهوداً كبيرة لإثراء الحوار بالعديد من الأعمال المعروفة للجميع ومنها مبادرته ودعوته حفظه الله للحوار العالمي .. ألا ترون أنها تؤسس لمرحلة جديدة من الحوار؟
** د. بن بيه:هي مبادرة رائدة، وسيكون لها الدور الكبير في التنسيق للحوار، بل ستكون الأساس لجهود المنظمات الإسلامية الحواريةالاخرى العاملة في هذا المجال، وسوف تضبط الإيقاع والحركة وتحدد الأهداف بوضوح وهذا هو الذي يسمى بـ «الإستراتيجية».
وخادم الحرمين الشريفين بهذه المبادرة يمد يده للحوار، وهذه المبادرة التي جاءت من الرجل الذي يقوم على شؤون الحرمين الشريفين تؤسس لعصر جديد من الحوار، و فتح بها ـ حفظه الله ـ الباب على الغرب لتقديم الحجة، ليقول لهم: إن أردتم الدخول في عصر جديد من الحوار فإن الفرصة الآن أُتيحت لكم.
ويجب أن يواكب هذه المبادرة مضمون قوي حتى تؤتي ثمارها، وأن تبحث عن المواقع التي إذا نزل عليها المطر انبتت الكلأ وأمسكت الماء، فعلينا أن نبحث عن هذه المواقع مع صدق النية والإخلاص والقوة النفسية، فالعالم كله سيكون خاسراً إذا لم يتم حوار صادق ينبني على أسس صحيحة للتفاهم بين الحضارات.
** د.الرفاعي:
مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار تقوم على ثلاث خطوات عملية هي: جمع علماء المسلمين للتفاهم بينهم، ووضع رؤية في كيفية مخاطبة الآخر، بمعنى «ترتيب البيت من الداخل» عبر ندوات ومؤتمرات متعددة حتى ينضج مفهوم وآليات ومقاصد الحوار في الإطار الإسلامي، والخطوة الثانية: أن يجتمع فريق من علماء المسلمين لحمل هذه الرؤية الإسلامية المبلورة إلى فريق آخر من علماء المسيحية واليهود، واخيرا البدء في وضع رؤية مشتركة (إسلامية مسيحية يهودية)، فإذا خرجت هذه الرؤية المشتركة قال خادم الحرمين الشريفين: أنا على استعداد أن احمل هذا الفريق العالمي من المسلمين والمسيحيين واليهود إلى الأمم المتحدة.
** د. فدعق:
هذه المبادرة المباركة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تطرح سؤالاً لابد من طرحه وهو .. ما الذي نريده من الغرب؟ والاجابة.. نريد منه التخلي عن أي رواسب قديمة موجودة في أذهان الساسة والعامة، نريده أن يتخلى عن أي أطماع في مقدرات المسلمين، نريده أن يتجرد عن الخوف من الإسلام، نريده ألا يحكم على المسلمين من خلال تصرفات بعض المنتسبين الى الإسلام، وقد حسم الله سبحانه وتعالى في قوله: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم».
وثيقة المدينة
عـكاظ: وثيقة المدينة.. أكدت على المصالح المشتركة، وهي أنموذج لثقافة التسامح والعيش بسلام، وهي خير مثال للواقع العملي للحوار.. كيف يمكن أن نجسد هذه الوثيقة على الواقع حاليا؟
** د.بن بيه:
وثيقة المدينة.. هي أول وثيقة ـ كما نعلم في التاريخ ـ تحدد حقوق الناس وواجباتهم، وحقوق الطوائف والديانات والثقافات، والواجبات التي على كل أن يقوم بها، والمسؤوليات المشتركة التي تضمن العيش المشترك الهادئ السعيد الذي ليس فيه اعتداء ولا عدوان.
نحن نعرف في التاريخ كثيراً من الوثائق والقوانين مثل: «الحمورابي» و «الأسفار» في التوراة، لكننا لا نعرف وثيقة تعطي للآخر هذا الحق المساوي لحق السلطات القائمة (السلطة النبوية الشريفة) إلا وثيقة المدينة، فقد منحت كل سكان المدينة حقوقا متساوية وواجبات مشتركة، لتكون مدينة فاضلة بالمفهوم الفلسفي، أي مدينة يعيش فيها الجميع بسلام ووئام وتضامن وتعاون.
وهذه الحقوق والواجبات ليس للعرب فقط، وإنما أيضاً لليهود الذين كانوا يقيمون في المدينة، فالمسلمون واليهود والمشركون كانوا يتعايشون وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينظم هذا التعايش ويعطيه أصولاً ثابتة قانونية مؤسسية، وديننا الإسلامي يمتاز عن غيره بأنه دين يضع للآخر مكانه ومكانته، ويحدد مسؤولياته وواجباته وحقوقه، فالاسلام دين حوار بامتياز و لا نعلم كتابا من الكتب المنزلة فيه كلمة «قل» كما في القرآن الكريم، وهي إشارة للحوار الدائم يتوجه الى الآخر بالكلام.
** د.العبادي:
إذا وقفنا عند وثيقة المدينة بالدرس والتحليل نلاحظ أن فيها سبقا من حيث الشكل والمضمون، فهي ـ أولاً ـ وثيقة مكتوبة من الرسول صلى الله عليه وسلم بين فئات المدينة كعهد معلن في بدء تأسيسه لدولة الإسلام وإقامته للمجتمع الإسلامي الأول وهو تأكيد على المؤسسية بحفظ هذا الأمر على شكل الكتابة والعرض التفصيلي لكافة العلاقات القائمة في المدينة.
ثم نلاحظ أن هذه الوثيقة قد استعرضت كل العلاقات القائمة في المدينة على أسس من التعاون والتنظيم الدقيق الذي يعترف بوجود هذه الفئات المتعددة ويعطيها كامل حقوقها، فالنص جاء واضحا بالنسبة لغير المسلم وان لليهود دينهم وأموالهم، كما أن الاعتراف بالآخر والتقدير لوجوده وضمان حقوقه في هذا المجتمع الإسلامي الاول جاء واضحاً في الوثيقة.
هذا التنظيم الشمولي للعلاقات القائمة في المدينة في بداية انطلاقة المجتمع الإسلامي الأول عبر عنه علماؤنا ـ خاصة علماء الفكر الدستوري ـ في النظر المعاصر أن هذا العهد بمثابة الإعلان التأسيسي للدولة من خلال هذه الكتابة وهذا التنظيم للعلاقات فيها.
وقد بنى العلماء على هذا الكثير من التفاصيل في دراسة طبيعة دولة الإسلام وكيفية التعامل القائم على الاحترام مع غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، والنصوص الشرعية والممارسات النبوية تمثل في هذا الإطار منظومة متكاملة في ذلك التعامل، وهذا يضع القواعد والأسس لمعاملة غير المسلم حتى على مستوى الدول الأخرى.
والتنظيم الإسلامي للعلاقات على مستوى غير المسلمين في المجتمع الإنساني تم تقديمه من خلال رؤية شمولية فيما يسمى بـ «السّير» في النظر الإسلامي، وما كتبه فقهاؤنا في وقت لاحق عن هذا الجانب يعتبر سبقا متميزا، من حيث انه شمولي للعلاقات الدولية في المجتمع الإنساني، واذكر أن مجموعة من فقهاء الألمان عندما أرادوا أن يؤسسوا جمعية ورغبوا أن يسموها باسم أول من كتب في القانون الدولي لم يجدوا إلا اسم «محمد بن الحسن الشيباني» باعتبار انه كتب كتابيه «السير الكبير» و»السير الصغير» الذي سجل فيه العلاقات الدولية من وجهة نظر إسلامية، معتبراً أن الشيباني قد سجل سبقاً في هذين الكتابين، وهذا يعد سبقا لهذا الدين ولمصادره الأولى (الكتاب والسنة) لتنظيم العلاقات في الواقع الإنساني، تنظيما متميزا يقوم على أسس العدالة والسلام والتعاون ما دام انه لا يوجد عدوان ولا اعتداء على الحقوق ضمن منظومة متكاملة قدمها الإسلام في هذا المجال.
وهذه الوثيقة النبوية ليست الوحيدة في تنظيم العلاقات مع الآخر، ونذكر حوارات الرسول صلى الله عليه وسلم مع فئات أخرى في المجتمع الإنساني، عندما استقبل وفد نصارى نجران في مسجده عليه صلوات الله وسلامه .ومما يذكر هنا بكل تقدير قبول الآخر واحترام عقيدته، فعندما حان موعد صلاتهم وهم على دينهم صلوا في المسجد وحاول بعض الصحابة منعهم من ذلك، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف أمام أي محاولة للمنع، وهذا صورة متقدمة جدا في احترام الآخر وتقدير ما عليه ، وأننا لا نريد من هذا الحوار إلا التمازج وإزالة الحواجز العقدية بالحوار، وان نلتقي لتحقيق خير البشرية وتقدمها وسعادتها وحل مشكلاتها، وان تفهم كل فئة حقيقة الأخرى فهماً صحيحاً ليس فيه إساءة أو تحامل.
** د. الرفاعي:
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وضع ميثاقين هما: «ميثاق المواطنة الإقليمية» وتمثله وثيقة المدينة, و«ميثاق التعايش البشري» وتمثله حجة الوداع.
فوثيقة المدينة رصدت سبعة أعمدة هي: احترام التعددية الدينية, وحرية التدين, والأمن المشترك في إطار التعددية الدينية والثقافية, والدفاع المشترك, والمصالح المشتركة, والواجبات والحقوق, وأن الخداع والمكر خروج عن هذه الوثيقة.
كما أن الإسلام تحدث عن «ميثاق المواطنة الإقليمية» عبر وثيقة المدينة، تحدث أيضاً عن «ميثاق المواطنة العالمية» عبر حجة الوداع، وقد رسم الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سبعة مرتكزات لهذه المواطنة العالمية هي: «يا أيها الناس إن ربكم واحد» تأكيداً على وحدة مصدرية الإيمان في الأرض, و«يا أيها الناس إن أباكم واحد» تأكيداً على وحدة الأسرة البشرية، و«يا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام» تأكيداً على حرمة وقدسية حياة الإنسان, و«يا أيها الناس إن الله قد حرم الظلم على نفسه وجعله بينكم محرماً فلا تظالموا» تأكيداً على أهمية العدل في التعايش البشري, و«يا أيها الناس إن الله قد قضى أنه لا ربا» تأكيداً على الأمن الاقتصادي الذي هو واحد من أبرز مقومات الأمن البشري, و«يا أيها الناس إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم» أي أن ثلث عمر البشرية هو ثقافة امن وسلام ليس للإنسان فقط بل أيضاً للحجر والشجر والبيئة والهواء, و«يا أيها الناس إن للنساء عليكم حقاً ولكم عليهن حقا فأتوا كل ذي حق حقه» تأكيداً على تكامل المسؤولية بين الرجل والمرأة في ميادين الحياة.
لذا آن لنا أن نبرز هذين الميثاقين وان نقدمهما للبشرية اليوم لننهي اضطراب الحالتين الأمنية (الإقليمية والعالمية)، لنؤكد أن الميثاقين أمران متلازمان متكاملان وان الأمن والاقتصاد البشري وكرامة الإنسان وسلامة البيئة كل لا يتجزأ.
** د.فدعق:
وثيقة المدينة استطاعت أن تسجل نفسها كدستور بين مفهوم الأمة والمواطنة، لكن كيف يمكن أن نوجد حوارا مؤصلا الى الآخر؟ وما هي المنطلقات لتأسيس حوار إسلامي ثم الانتقال به الى حوار مع الآخر يشتمل على الضوابط والآليات بعيدة عن الإشكاليات والمحظورات؟.. والإجابات على تلك الأسئلة لا بد لنا من تحليل مضمون الوثيقة ودراستها من قبل العلماء والفقهاء والمفكرين والمختصين.
** د. قمر:
تشكل وثيقة المدينة التي نظمت علاقة الأمة المسلمة الناشئة بغيرهم ضمن دولة واحدة هى تجسيد موضوعي للتعايش السلمي والذي يكون الحوار أساسه، والسبب في فتح الإسلام لباب الحوار هو أنه دين عالمي جاء لجميع البشر، وبدون الحوار والإقناع لا سبيل لانتشاره.
** د. عبد العظيم:
ما جاء في وثيقة المدينة يرد على كل محاولات التطاول على الإسلام واتهامه بظلم غير المسلمين الذين يعيشون في الدولة الإسلامية، ولا أكون مبالغاً إن قلت أن الوثيقة تعد أول نص ديني أرسى قواعد التعايش بين الأمم والشعوب.
هيئة عالمية للحوار
عـكاظ: كيف تنظرون الى الدعوة لإيجاد هيئة إسلامية عالمية للحوار لتحقيق وحدة المسلمين وتعمل على تنظيم الحوار مع غيرهم؟
** د. بن بيه:
هي مبادرة رائدة، وسيكون لها دور كبير في التنسيق للحوار، ومع وجودها فإنها لن تلغي دور المؤسسات الإسلامية الحوارية الأخرى، بل قد تكون أساسا لجهود تلك المنظمات الإسلامية العاملة في هذا المجال، وسوف تضبط الإيقاع والحركة وتحدد الأهداف بوضوح وهذا هو الذي يسمى بـ «الإستراتيجية».
** د. العبادي:
دعوة مرحب بها، ويجب أن تكون هذه الهيئة قائمة على اشتراك كل الجهات التي تتصدى لهذا الموضوع، بحيث يتحقق التنسيق بين هذه المنظمات الإسلامية والتعاون في مجال الحوار.
ولابد من أن يكون لرابطة العالم الإسلامي والمجمع الفقهي فيها، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي الدور في ذلك، حتى تكون كجهات متابعة لهذا الموضوع، باعتبار أنها من الجهات التي تحرص على إنجاح هذه المقولة وعلى تحقيق الخير في آفاقها.
** عطا المنان:
هذا اتجاه ايجابي جداً، وهذه الرؤية المطروحة لإنشاء مركز إسلامي عالمي للحوار تتميز بخصوصية مهمة، لأن الحوارات القائمة الآن معظمها إما تقوم بها مؤسسات شعبية نشأت بمبادرة شعبية بعيدة عن البعد الرسمي، أو مؤسسات رسمية حصرت نفسها في هذا الإطار وابتعدت عن البعد الشعبي، لذا فإن هذا الجهاز الجديد يجمع البعدين: البعد الرسمي المدعوم من دولة مهمة قائدة ورائدة في العالم الإسلامي، والبعد الشعبي من عدد كبير من العلماء والمفكرين والمختصين، وهذه خصوصية لهذا الجهاز لم تتوفر للأجهزة الحوارية الأخرى.
ولاشك أن نشأة هذه الهيئة العالمية للحوار ستسد فراغاً كبيراً موجوداً الآن في مسيرة الحوار، كما أنه سيسهم في مسيرة الحوار وحركة التقارب على الإطار العالمي بين الثقافات والديانات والمعتقدات.
رأي عالمي للحوار
عـكاظ:تكوين رأي عالمي يناصر قضايا الأمة.. كيف يمكن ذلك من تعريف الآخر برؤيتنا وثقافتنا وديننا؟
** د.العبادي:
لابد من السعي لذلك برؤية شمولية في المجتمع الإنساني تعرف مواقفنا، خاصة أن هنالك محاولة لتشويه هذه المواقف والاعتداء عليها فيما يسمى بـ «إسلاموفوبيا»، هذا يتوجب علينا أن نجلس مع الآخر لتوضيح ما يدعو إليه ديننا، وهذا سيكون رأي عام عالمي يناصر قضايا الأمة الإسلامية ويؤدي الى تعريف الآخر بمواقفنا ويحقق هدفا من أهداف الدعوة الى ديننا بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولابد من أن تكون رؤانا في الحوار واضحة من حيث مشكلات الأسرة والعلاقات الإنسانية، وتحقيق السلام القائم على العدل لان هذه هي دعوة الأديان.
وفي إطار قضايا المجتمع الإنساني، هناك اعتداءات واسعة على مؤسسة الأسرة، وهناك انتشار للجريمة، وهناك إغراق في الجانب المادي في الحياة الإنسانية وإهمال للجوانب الروحية القيمية، فلماذا لا تكون من أهداف لقاءاتنا تحقيق التعاون البشري للوقوف في وجه هذه التحديات التي تهدد مستقبل البشرية كلها مسلمين أو غير مسلمين.
هناك الكثير من القضايا يمكن أن تستفيد منها من خلال هذا الحوار البناء الذي يهدف خير البشرية، خاصة أن هذا الحوار الذي أمرنا به ديننا ومارسناه عبر تاريخنا الإسلامي وحضارتنا، ومفكرينا وفلاسفتنا ـ عبر التاريخ ـ ترجموا علوم الأمم الأخرى واطلعوا عليها واستفادوا منها وناقشوا مارأوه جديراً بالمناقشة منها.
إذن المحافظة على الثوابت والهوية أساس في الحوار مع أهمية الانفتاح على الآخر والاستفادة ممن عنده لأن «الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها»، ونمد أيدينا إلى المجتمع الإنساني للتعاون معه في سبيل المصلحة المشتركة، وهذا النهج يحقق خير البشرية.

حور عين
07-06-2008, 04:04 PM
يعطيك العافية يا عشوقة على الموضوع الحلو
تحياتي

الشريفة الهاشمية
07-06-2008, 10:16 PM
الله يكتب الخير للجميع

شكرا عاشقه ربي يسعدك

عاشقة الرسول
08-06-2008, 01:09 AM
واياكِ ياحور

أسعدني مرورك

عاشقة الرسول
08-06-2008, 01:09 AM
آمين يا هاشميتنا

أسعدني مرورك

عاشقة الرسول
08-06-2008, 01:18 AM
ندوة «عكاظ» تؤكد أهمية وجود أرضية مشتركة للتواصل بين الشعوب (2)
«الحوار الأعزل» ضعيف.. والبحث عن «أولي بقية» من الغربيين ضرورة


أدار الندوة : طالب بن محفوظ
* الحوار أصيل في ثقافتنا وتطبيقاته في القرآن والسنة عديدة.. كيف يمكن أن نجعل من الحوار استجابة لأمر قرآني واقتفاء لهدي نبوي؟
إذا كان الحوار وسيلة فاعلة في معالجة المشكلات الكبرى التي تعاني منها البشرية وهدفاً لتحقيق القيم الإنسانية المشتركة المشتملة على التسامح والتعايش والعدل والأمن والسلام البشري، فإنه أيضاً من الوسائل التي تعين على عرض مبادئ الإسلام على الآخرين، ودحض الافتراءات عن الإسلام وإزالة الشبهات عنها وتصحيح التصورات والمفاهيم الخاطئة.ندوة «عكاظ» «الحوار.. ثقافة تسامح ودعوة للتواصل» في جزئها الثاني تؤكد على هذه المفاهيم الإنسانية لنتائج الحوار من خلال رؤية ضيوفها المشاركين الذين أوضحوا في الجزء الأول من هذه الندوة على أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ أصّل لهذه القيم من الجانبين الإسلامي والإنساني من خلال مبادرته ودعوته للحوار للبدء في مرحلة جديدة من الحوار.. وهذا ما خرجت به الندوة.

** د. بن بيه: الإسلام أسس للحوار شكلاً ومضموناً، ولهذا نجد أن الحوار قد يكون دينياً كما كان مع نصارى نجران وبعض طوائف اليهود، وقد يكون حواراً دنيوياً بمعنى يتعلق بمصالح الدنيا وإيقاف الحروب، والنبي صلى الله عليه وسلم مارس كلا الحوارين وهذا هو مضمون الحوار وهو باق الى يومنا هذا.
علينا إذن إن نمارس الحوار في مجالات الدعوة، لنبرز ما في هذا الدين من الخير ولنقدم للبشرية ما جاء به الإسلام من خير ومن جهة أخرى نوقف الحملة الظالمة على الإسلام والمسلمين ولندع الى تعايش بشري تأمن فيه البشرية.
الإسلام يدعو الى الحوار ويمارسه، ويبين العقبات التي تعترضه والسدود والمعوقات التي تقف أمامه، فديننا هو دين الحوار والبرهان.
** د. العبادي:الأدلة الشرعية واضحة على تبني القرآن الكريم منهج الحوار مع الآخر في تقرير لحقائق الإيمان، وفي دعوته لحقائق العقيدة الإسلامية، فقد ناقش الملحدين وغير المؤمنين مناقشات مستفيضة بالحجة والدليل والبرهان ودحض كل مقولاتهم.
** د.الرفاعي:الحوار في الإسلام يقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية هي: إجلال العقل، وإجلال حرية الاختيار، وإجلال كرامة الإنسان، لذا فإن العلماء والمفكرين يرون أنه واجب ديني ومسلك أخلاقي ونهج حضاري، وبهذه المعاني الثلاثة يبقى وسيلة حكيمة ومسلكا عاقلا لتحقيق غاية أعظم واجل.
** د. فدعق: نعرف جميعا أن القرآن كتاب حوار لا نظير له، وأن الإسلام بشكله العام يؤمن بالتعددية سواء في الألسنة أو الأعراق أو الأديان أو الثقافات، لذا فإن المجادلة بالتي هي أحسن مهمة جداً، لاسيما في المجالات التي ينبغي لنا أن نتحاور فيها مثل: «الإيمان بالله والدار الآخرة» الذي نستطيع به أن نرد على الملحدين والماديين، والقيم الأخلاقية التي نواجه بها الإباحية، والعدل والكرامة والحرية وحقوق الإنسان ورد المظالم وهي القيم التي نستطيع بها أن نتحاور فيها مع الآخر.
** د. قمر:القرآن الكريم تضمن مواقف حوارية كثيرة جدا، وهي تصل إلى قرابة مائتي موضع، في ألف آية تقريبا، كما ورد في بعض الدراسات المتخصصة.
كما احتوت السيرة النبوية العطرة مواقف عديدة للحوار مع أهل الكتاب وغيرهم، كانت سببا رئيسيا لدخول الناس في الإسلام والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، وواصل ذلك صحابته ـ رضوان الله عليهم ـ ثم من جاء بعدهم.
** د. عبد العليم:قد يرى البعض أن الحوار بيننا وبين من ينكرون ديننا غير مجد، فنقول له: هذا يكون مدعاة إلى الحوار لا إلى عدمه، لأن الآخر لو كان يعترف بديننا لما كانت هناك حاجة إلى التحاور معه، فواجبنا أن نحاور حتى يعترف بنا وبديننا، وحتى يمتنع عن الإساءة لديننا، فعلى ذلك يصبح الحوار واجباً دينياً على مر العصور والأزمان.
إذا فإن الحوار مع أتباع الأديان الأخرى من الأمور المهمة التي يجب على المسلمين التمسك بها، والعمل على استمرارها مهما حدث أو وقع من مؤثرات.
القيم المشتركة
* وكيف ترون أهمية الحوار لترسيخ قيم إنسانية مشتركة بين كافة أتباع الأديان؟
** د. بن بيه :القيم المشتركة هي أساس من أسس الحوار في الإسلام.
كما أن البشرية لديها معايير وقيما دينية وعقلية مشتركة يجب أن تكون أساساً من أسس الحوار، مثل: «الإيمان بالإله الواحد» الذي تؤمن به جميع أتباع الكتب السماوية، و «العقل» الذي هو أحسن الأشياء توزيعاً بين البشرية كما يقول ديكارت، و «المصالح البشرية المشتركة» التي تؤدي لخير البشرية، و «الاختلاف» الذي لا بد أن نعترف بوجوده بين البشر.
** د. قمر : للحوار دور مهم في تأسيس تلاحم قوي بين أتباع الديانات الثلاث من أجل التنسيق ضد المخاطر العظمى التي تحيق بعالم اليوم.
كما يمكن للحوار أن ينشر القيم والأخلاق ويؤدي دورا مهما في التوعية في المجالات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنه يساعد في الحد من المفاسد الاجتماعية، وانتشار الرذيلة.
** د. عبد العليم: الحوار ضرورة إنسانية والأمم إذا لم تتحاور فإنها تتقاتل وتتفانى، لذا علينا إن نتحاور معهم حتى يعترفوا بالإسلام كدين سماوي، فالحوار وسيلة لمطالبتهم بالاعتراف وليس القوة.
مضمون عالمي
* كيف يمكن أن نؤصل لحوار بمضمون عالمي يشتمل على هذه القيم وعلى تجارب الحوار الحضاري عبر التاريخ؟
** د. بن بيه:مضمون وأهداف «الحوار» هو إيجاد جو عالمي للانتفاع بهذا الكوكب للتعايش فيه، وإنقاذ البشرية من الحروب، حيث يقول أفلاطون: إن الحوار يقدم البدائل عن العنف.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقدم البدائل في حواره مع قريش في «صلح الحديبية»، ويؤكد أنه (لم نأت لحرب وإنما للطواف بالبيت)، فهذه السلمّية البديلة عن الحرب.
أما أسلوب الحوار الذي اعتمده صلى الله عليه وسلم فهو أسلوب مميز، ويمكن أن نجمله بأنه «أسلوب إقناعي»، وكما يقولون: الحوار لا يخلق حقائق ولكنه يؤدي الى الوصول الى حقائق،
والغرب ـ كما هو معروف ـ يرجّح في حواراته المرجعية العقلية على المرجعية الأساسية، لذا علينا أن نحاورهم من خلال ما وصلوا إليه في هذه المراحل الثلاث (المرجعية الدينية والتنوير والحداثة وما بعدها)، و علينا قبل الحوار أن نتعرف على العمق الثقافي الغربي حتى نستطيع أن نقدم حجة مقنعة.
** عطا المنان: المطلوب عندما نتحاور مع الآخر أن نتكلم عن الإشكالات التي تواجه الحوار معه فالحوار في التاريخ المعاصر مر بمرحلتين.. الأولى بدأت في الخمسينات ومن وجهة نظري انتهت بظهور الرسوم الدنمركية المسيئة عام 2005م، و أما المرحلة الثانية فقد بدأت حالياً باستشراف لمستقبل الحوار، وأعتقد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين مهمة جداً في هذه المرحلة الجديدة، لذا لابد أن يكون توجهنا: كيف نؤسس لهذه المرحلة وفق أسس حقيقية بأرضية مشتركة لحوار يمكن أن يأتي بنتائج.
التسامح والتعايش
* وكيف يمكن التأسيس لحوار حضاري يدعو إلى إبراز قيم التسامح والتعايش كمنهج مستقى من تعاليم الإسلام السامية المتضمنة تلك المفاهيم؟
** د. قمر:التسامح في الحوار مع أتباع الديانات الأخرى لا يقصد به الانفلات أو الذوبان في ما لا يتوافق مع جوهر الإسلام، بل الحوار المشروع هو الذي لا يلغي الفوارق والخصائص والاختلافات، ويؤسس لنوع من العلاقات الإنسانية المتبادلة التي تسود حياة الناس، وفيه خير للبشرية جمعاء.
الحوار ضد الطغيان
* نعود بالسؤال للشيخ الدكتور عبدالله بن بيه.. هل يتوقف الحوار عند الطغيان أي أن كل طرف معجب برأيه؟
** د. بن بيه:قصص الأنبياء كانت حواراً، وكان القرآن الكريم يذكر قول أقوامهم وردودهم ليصل في النهاية الى بيان الظالم والمعتدي: ( لأن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين) ، فهنا وصل الحوار الى عقبة هي «الطغيان»، وفرعون يحاور موسى ثم يصل ( لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين).
المنظمات الإسلامية والحوار
* أتوجه بالسؤال للسفير عطا المنان.. أنتم في منظمة المؤتمر الإسلامي ألا ترون أن هناك تباينا في الحوار بين الدوائر الحوارية الإسلامية، حيث إن البعض يرى أنه الأحق بالقيام بهذه المهمة؟
** عطا المنان:السؤال الكبير المطروح بشدة حالياً في العالم الإسلامي هو: من يتحدث باسم الإسلام؟!، فإذا درسنا واقع الأمر نجد أنه لا يوجد أحد مفوض بذلك، وذلك بسبب تعدد المنابر التي أثرت على الحوار، لذا تجد بعض المنظمات الإسلامية تسعى لإيجاد قدر من التنسيق مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، كما أن اختلاف الآراء المتباينة داخل الصف الإسلامي (مذهبية أو فكرية) أثرت على عدم وجود مرجعية حوارية للمسلمين.
ومن الأهمية بمكان السعي لإيجاد صوت يتحدث برؤية واحدة في الحوار مع الآخر وليكن ذلك في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي،
* عكاظ: طالما أن السفير عطا المنان ذكر جهود بعض المنظمات الإسلامية في مجال الحوار، فإني مضطر لتوجيه سؤالي للدكتور حامد الرفاعي.. لأسأله عن دور المنتدى الإسلامي العالمي للحوار الذي يترأسه في النهوض بمهمة الحوار وتأصيل مفاهيمه ووضع ضوابطه وآلياته ونتائج الحوار مع الفاتيكان؟
** الرفاعي:نحن في المنتدى عند حوارنا مع الفاتيكان نزعنا الحوار من ساحة العقائد والإيمان ونقلناه الى ساحة المصالح، وهذا ليس خوفاً من ساحة الإيمان والعقائد ولكنه تخطيط استراتيجي لنسحبهم من ساحة الى أخرى لنستطيع أن ننقل لهم ما نريد من الساحة الآمنة عندهم، ونجحنا بهذا أن نتفق معهم على: أن الحقيقة الربانية المطلقة لا تتعدد ولكن الذي يتعدد هو فهم البشر حولها، وأن الاختلاف القائم هو اختلاف أتباع لا اختلاف أنبياء، وأن الحوار الدائر بيننا ليس حوار أديان بل هو حوار أتباع أديان، وأن الاعتراف القائم بيننا هو اعتراف وجود لا اعتراف اعتقاد، وأن الدين يعرض ولا يفرض، وأن العدل والسلام هو أساس العلاقة بين الناس، وأن الحرب حالة استثنائية ينتجها البغي والعدوان والظلم.
الحوار الأعزل
* دعونا نتحدث عن فقه القوة في الحوار.. فهل من الضرورة أن يكون المحاور قوياً وأقصد بالقوة هنا هي النفسية وليست الاستعلائية، والأمر الآخر ما هو الدور المطلوب لحوار معمق يقف على المشتركات الإنسانية بعيداً عن النزعات الاستعلائية ؟
** د. بن بيه :أمر يجب أن نقوله: الحوار يحتاج الى شيء من القوة، فـ «الحوار الأعزل» هو حوار ضعيف، فعلينا عند حوارنا مع الآخر أن نبرز لهم أننا لسنا ضعفاء، ومع ذلك فنحن لا ندعو إلى الحروب، ومستعدون للسلام بأي ثمن، فمنهجنا هو منهج الإقناع،
** د.الرفاعي:قد أختلف مع الشيخ عبدالله بن بيه في أن القوة شرطاً للحوار، ولاشك أنه عندما نكون أقوياء تكون حجتنا أقوى، لكن القوة ليست شرطاً للحوار أو تحسيناً له ولا وجوباً ولا مبدأَ، فالإسلام لم يشترط أي شرط للحوار إلا «بالتي أحسن»، وقد حاورنا غيرنا ونحن في أدنى حالات الضعف والتاريخ يشهد على ذلك، ومع هذا طأطأ غيرنا رؤوسهم عند محاورتهم لنا.
** د. بن بيه أرى أن الدكتور حامد الرفاعي قد فهم مقصدي في حديثي عن القوة بشكل خاطئ، والذي قصدته هو «القوة النفسية» بالاستعداد للحوار بقوة الحجة والبرهان، و «المجادلة بالتي هي أحسن» هي قوة عقلية لابد من استخدامها في الحوار، والله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن).
** د. فدعق: أتفق مع الدكتور عبدالله بن بيه على أن موقفنا من الغرب يجب أن يكون واضحاً، خاصة أن لنا لقاءات كثيرة معهم، وهذا يحتاج منا أن نكون أقوياء ومبصرين وواعين، خاصة مع وجود بعض الانتقادات الموضوعية لمسيرة الحوار التي تطالب بوقفه، والأخرى تدعو لتصحيح مساره وهو الأنسب لأننا نؤمن أن الحوار بين المختلفين ضرورة وان الصراع ليس هو بالأمر الحتمي.
** د. عبد العليم:أتفق مع ما ذهب إليه الدكتور عبدالله بن بيه في أهمية امتلاك قوة البرهان والحجة، فإذا كنا لم نملك هذه القوة فأقول إن هذا هو سبب ضعفنا، وإن كنا لم نجن من حواراتنا الماضية شيئا، فإن من الواجب علينا أن نقوّم أنفسنا لنعدل من طريقتنا في الحوار بامتلاك قوة الحجة والبرهان التي أشار إليها فضيلته.
أولو بقية

* ما هو الدور المطلوب للمحاور لتوضيح رسالة الإسلام الحضارية الإنسانية المرتكزة على الحوار والتفاهم والسعي على السلام؟ ومن هم الذين لابد أن نبحث عنهم في الغرب للحوار معهم؟
** د. بن بيه: أعتقد أن من يدعو الى الحوار الآن، يدعو إليه انطلاقاً من مقدمات في غاية الأهمية وهي: أن البشرية لم تكن في وقت من الأوقات قادرة على إبادة هذا الكوكب الأرضي قبل هذا الوقت، وأن البشرية لم تكن في وقت من الأوقات تتداخل مصالحها وتتشابك معايشها كما كان في هذا العصر.
أما الجزء الآخر من سؤالك فأقول: لم يعد هناك اليوم سبيل لحل الإشكالات القائمة إلا عن طريق البحث عن «أولي بقية»، في قول الله عز وجل: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض)، وهم المتعاطفون من الغرب مع الإسلام، وعلينا أن نحاول تجميعهم في أنحاء العالم لنتضامن سويا للتحاور لصالح البشرية، وقد قال المفسرون عن «أولو بقية» إنهم أولو العقل والتمييز.
** د.الرفاعي:أضيف على ما قاله الدكتور عبدالله بن بيه بأنه لابد أن يكون الآخر الذي نتحاور معه تجمعه معنا مصالح مشتركة وشراكة في مهمة ربانية تكليفية هي: الاستخلاف في الأرض وتعميرها بصرف النظر عن الاعتقاد أو الدين أو العرق.
الإشكالية القائمة عندنا أن بعض شبابنا من طلبة العلم وسّع دائرة العقيدة حتى غطت على دائرتي الشرعية والرسالة فأصبحت علاقته مع الآخر هي علاقة كفر وإيمان، رغم أن القرآن الكريم حسمها بقوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين)، ومع ذلك نحن إذا جعلنا "العقيدة" في حوارنا مع الآخر بهذه النسبة الضئيلة التي لا تزيد عن (5%) ليس معناه أننا نتنازل عن (إن الدين عند الله الإسلام) و( من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)، بل هي آيات نتلوها أمام البابا وفي الفاتيكان ولكبار القساوسة في الغرب.
** عطا المنان:ليسمح لي الشيوخ أن أقول مضيفاً: نحن نعتقد كمسلمين أننا متقدمون في مجال الحوار، ولكن عندما نقف في المحافل الدولية الموجودة نلاحظ أن موقفنا مازال متخلفاً جداً، وإذا أردنا أن ننقل الحوار إلى النظرية الواقعية فإن أغلب الحوارات التي تتم بين الغرب والشرق لا يوجد بها أرضية حقيقية للحوار، لذا لابد قبل التحاور من خلق أرضية مشتركة ثم نبدأ في الحوار،
فإذا أوقف الحوار سيكون العالم كحظيرة واسعة يتقاتل فيها الناس، وفي النهاية القوي يأكل الضعيف وسنكون نحن المسلمين الأكثر خسارة، فالحوار في العصر الحالي يقوم على الغلبة، وهي ليست اليوم في صالح المسلمين،
** د. فدعق: أعقب بقولي: البعض منا لديه شعور سلبي في أن "الحوار بين الحضارات" وصل إلى طريق مسدود، وآخرون متفائلون يرون أنه يفتح الطريق لنا كمسلمين، وهذا وذاك نابع من الأجندات الخاصة الموجودة عند المتحاورين، فالأجندة الإسلامية تحتاج في مسارها الى معالجة مناهجها الدراسية وتفعيل وسائلها الإعلامية.
تسونامي الحوار
* معنى ذلك.. هل يمكن أن نقول إن هناك حوارات إسلامية مع الآخر غير منظمة أو عشوائية؟
** الرفاعي:نعم.. هذه مشكلة نعاني منها، لقد أصبح لدينا تدفق خطير نحو الحوار، وأخشى أن يحدث من هذا التدفق طوفان، وربما يتولد «تسونامي حوار» يدمر ما قد نتج، ويحول بيننا وبين آمالنا فيما يمكن أن ينتج.
** د.بن بيه: «تسونامي الحوار» الذي تحدث عنه الدكتور حامد الرفاعي واقع بعضه، فالكثير من الهيئات الإسلامية في الغرب تقوم بالحوار، وبعض الغربيين يجبرونك على الحوار، وبعض ساستهم يقدمون دعوات لعدد من علماء الأمة ومفكريها للتحاور، فميدان الحوار واسع، ومع ذلك علينا أن لا نكون متشائمين من تعدد دوائر الحوار، .
* إذاً ما الذي نحتاجه للحوار مع الغرب؟ وكيف يكون حوارنا معهم؟
** عطا المنان:نحتاج لثلاث قضايا أساسية هي: الإرادة السياسية (إذا لم تتوفر فإن كل حواراتنا ستظل ضمن المجاملات)، والثاني: وجود أهداف محددة وواضحة، والثالث: معرفة كل طرف الآخر.
هذه الشروط الثلاثة تتوفر في العالم الإسلامي أكثر من توفرها في الغرب، لذا عليهم أن يطوروا آلياتهم في فهم العالم الإسلامي، فإذا أردنا حواراً مفيداً لابد من توافر هذه الشروط لدى الطرفين وليس عند طرف واحد فقط.
*نختم الندوة بسؤال أخير للشيخ عبدالله بن بيه.. حيث يرى البعض أن المرحلة الجديدة التي بدأ فيها تكثيف الإساءات للإسلام من قبل بعض الغربيين هو أنهم لا يريدون الحوار.. ماذا يقول فضيلتكم؟
** د.بن بيه:نحن لا نستطيع أن نقول إن جميع من في الغرب لا يريدون الحوار، فهم ثلاث طوائف: فئة تجهل كل شيء عن الإسلام وواجب علينا أن نقوم بتعليمها الدين وهم يمثلون كثيرا من العوام، وفئة ثانية تناهض الإسلام وتعاديه وهم اليمين المتصهين، وثالثة هم «أولى بقية» الذين ذكرتهم سابقاً، وهم قوم يريدون أن يعرفوا شيئاً من الحقائق عن الإسلام، وأرى أن لا نهمل هذه الفئة، وعلينا أن نبحث عنهم وان نتحاور معهم وان نقيم الحجة على الآخرين أيضاً،.
المشاركون في الندوة

•الشيخ الدكتور عبدالله بن بيه
نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

•الدكتور عبدالسلام العبادي
الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي

•الدكتور حامد الرفاعي
رئيس المنتدى العالمي للحوار

•السفير عطا المنان بخيت
الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي والمتحدث الرسمي

•الدكتور عبدالله فدعق
داعية وباحث إسلامي

•الدكتور عبدالقاهر قمر
باحث شرعي بمجمع الفقه الإسلامي

•الدكتور أحمد عبد العظيم
باحث شرعي بمجمع الفقه الإسلامي