المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأديان السماوية اعتنت بالآثار التاريخية ذات المدلولات الدينية


عاشقة الرسول
24-01-2009, 01:31 PM
<TABLE width="100%"><TBODY><TR><TD class=adtxt>الأديان السماوية اعتنت بالآثار التاريخية ذات المدلولات الدينية
اعتنت الديانات السماوية بالآثار التاريخية ذات المدلولات الدينية، وخصوصا تلك المتعلقة بالمؤسسين لها، لصالح توثيق الصلات الروحية بينهم وبين أتباعهم. وقد جبلت المجتمعات على المحافظة على الآثار لتكون خير شاهد على التجارب، وخير عبرة للأجيال القادمة، ودوّن القرآن الكريم بعض هذه التجارب والعبر لما لها من أهمية، يقول تعالى "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين" وغير ذلك من الآيات المماثلة.
وحين ننتقل إلى الآثار الإسلامية نجد أن بعضها ارتبط بتجارب تاريخية أقرها الإسلام بل فرضها مثل الحج، وما يتعلق به من مناسك إبراهيمية. وروى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" ترميزا للمسجد النبوي وتشجيعا على شدّ الرحال إليه، بل بلغ حال اهتمام المسلمين بآثاره صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وصحابته رضي الله عنهم حد تسجيل كل الدقائق وأدق التفاصيل، فقد اهتم المسلمون بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب. وروى البخاري أيضا أن أم المؤمنين سيدتنا أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ كان عندها شعرات من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم يتبرك بها الناس بجعلها في قدح الماء ليشرب، وجاء في صحيح الإمام مسلم أن سيدتنا أسماء رضي الله عنها أخرجت جبة، وقالت: هذه جبة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت عند عائشة فلما قبضت قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها يستشفى بها. وروى البخاري كذلك محافظة الخلفاء الثلاثة ـ رضي الله عنهم ـ على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع السيدة أم سيلم ـ رضي الله عنها ـ عرقه الشريف، وحفظ ابنها سيدنا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ له، ووصيته بجعله ضمن ما يغسل به بعد موته.
وبنفس مستوى ذلك الاهتمام اهتموا ـ رحمهم الله ـ بالمواقع التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والأماكن التي صلى فيها والتبرك بها وتعظيمها والصلاة فيها، وعدوا ذلك من الأعمال المستحبة، ومن أمثلة ذلك محافظة سيدنا ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ على بالغ التدقيق وعمق التتبع لمواقع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتسجيل الإمام السمهودي في كتابه "وفاء الوفاء" أسماء الآبار التي شرب أو توضأ أو اغتسل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي المقابل، نجد أن هناك من يسلك مسلكا مخالفا لسيرة السلف في تخليد آثار الإسلام، بل بلغ الحال حد رفض البعض لكل ما يمت بصلة إلى آثار نبي الإسلام، عليه الصلاة والسلام، مع أن من نافلة القول، القول بأن تخليد الآثار التاريخية أصبح تقليدا بشريا توليه الدنيا اهتماما كبيرا لما فيه من حفظ للكيان والهوية، ولما فيه من تجسيد للدين، وتحفيز للذاكرة، واستلهام لمعاني الاحترام والتقدير والحب، كذا الصبر والإصرار والتفاؤل. غير أن غياب جملة هذه المعاني عند ـ أولئك البعض ـ ساقهم إلى هدم ما هدم، والتنادي بهدم ما بقي، وهذا بلا شك يكشف عن نوايا المخاصمة للفطرة السليمة التي توازن بين الروح والجسد.

</TD></TR><TR><TD class=adwriter>الدكتور عبدالله فدعق </TD></TR></TBODY></TABLE>