مها قزاز
02-06-2009, 03:23 AM
التسامح ليس ضعفا وليس تنازلا، التسامح هو القوة النفسية وهو السيطرة على الانفعالات، وهو أيضا العمل العلمي العقلي الهادئ لتحقيق القوة وتحقيق التفاوض وبالتالي الانتصار على أي ضغوط أو أي مهانة أو أي عدوان من أي نوع، إذن هناك فرق بين التسامح والخضوع أو التنازل
كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تسامحا وقدرة على السيطرة على غضبه وانفعالاته كان الرسول صلى الله عليه وسلم يواجه اعداءه بالحلم والعفو والحكمة ثم توصيل المعلومة عن هذا الدين العظيم مماجعلهم يدخلون في الإسلام بعد أن كانوا أعدائه، والآيات التي يجب أن نرددها باستمرار قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}
وقوله صلى الله عليه وسلم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك، فلماذا لا نتمسك بسنة الرسول الكريم ممثلة في سلوكيات العفو والتسامح.
سلوكيات العفو والتسامح لا يتقنها الإنسان بمجرد الرغبة أو استجابة للنصح أو للخطابة، وإنما هذه السلوكيات تحتاج إلى تدريب نفسي سلوكي لفترة طويلة هذا التدريب لابد أن يبدأ بغرس الآيات الكريمة التي تحض على العفو والتسامح مثل قوله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} {فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين} ثم الآية الرائعة العظيمة التي أعتقد أن كل إنسان بحاجة أن يكتبها في ورقة ويضعها في جيبه ويراها بين لحظة وأخرى ويكررها ويغرسها غرسا في ذهنه بين الحين والآخر قوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}
ثم بعد غرس هذه الآيات وتنشيطها من وقت لآخر في الذهن يأتي التدريب العملي على تطبيقها في مواقف عملية ومن خلال جدول يضعه الفرد لنفسه يذكر فيه الموقف وفي خانة أخرى يذكر فيها درجة الغضب أو الانفعال بالتقريب وفي خانة ثالثة درجة التسامح والسيطرة على الغضب ثم خانة رابعة يذكر فيها المكافأة الذاتية وهو أن يكافئ الفرد نفسه ماديا أو معنويا محببا لديه مثل زيارة بعض الأصدقاء أو الخروج إلى رحلة أو طعام أو شراب محبب إليه عندما يستطيع السيطرة على غضبه والتسامح بدرجة عالية.
إذن هناك واجب يومي مثل واجب المدرسة اليومي أن يختبر الإنسان نفسه في المواقف التي تسبب الانفعال والغضب ثم يختبر قدرته على التخلص الفوري من هذه الانفعالات السلبية وقدرته على التسامح، هذا التدريب يحتاج لمدة ثلاثة شهور على الأقل وعلى الإنسان أن يعرف أنه لن يستطيع أن يغير أي عادة من عاداته السلوكية إلا بجهد وجهاد وهنا نشير إلى أن هذا الجهد جوهر معنى جهاد النفس حسب اعتقادي
فالشخص سريع الانفعال الغضوب العالي الصراخ هو في الحقيقة إنسان ضعيف عاجز عن الحصول على حقوقه، وثبت علميا أن من صفات الشخصية المضطربة التي تعاني من القلق وسرعة الانفعال أنها شخصية لا تعرف التسامح ولم تجرب لذة العفو ونسيان الإساءة.
وهناك عالمة نفس أمريكية تدعى "كاشلين لولر" أكدت من خلال تجارب معملية حديثة في جامعة تينيسي الأمريكية أن الضغوط التي تؤدي إلى الغضب وسرعة الانفعال تُحْدِث تغييرات كبيرة في كيمياء أجهزة الجسم كاملة، بل وجدت أن مجرد التفكير أو التحدث عن إساءة أو خيانة أو إهانة تعرض لها الإنسان لدقائق معدودة يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في ضغط الدم ومعدل نبض القلب ومستوى التوتر العضلي وزيادة في معدلات المواد الناقلة للشحنات العصبية والنشاط الكهربي في الجهاز العصبي مع زيادة عدد آخر من الهرمونات المسئولة على عمليات حرق الجلوكوز والمواد التي تخرج من مخازنها في الجسم التي يستعملها الإنسان في معركته عند الشعور بهذه الضغوط والانفعالات، ووصفت هذه العالمة ما يحدث في الجسم نتيجة عدم الحلم أو عدم التسامح وسرعة الاستجابة بالانفعال والغضب الشديد بحالة "غليان الدم في العروق
الإمام الغزالي أكد في كتاب "إحياء علوم الدين" ـ كما ورد أيضا في كتب المعاملات الإسلامية الأخرى ـ أن الحلم أفضل من كظم الغيظ، لأن كظم الغيظ هو عملية السيطرة على رد الفعل أي منع الإنسان لنفسه من العدوان أو الرد بعنف على الإساءة، ولكن يعني هذا ضمنا أن الإنسان قد وصل إلى حد الغيظ والغضب وأن جسمه وجهازه العصبي قد بلغ درجة عالية من التوتر ومع ذلك فإن كظم الغيظ يعني منع الإنسان لنفسه من اللجوء إلى العنف "استطاع أن يمسك نفسه" وألا يعتدي ولكن الأكثر عمقا والأعلى درجة هو الحلم الذي يتساوى مع التسامح والذي يعني أن الإنسان لم يترك نفسه وأعصابه تلتهب وتشتعل غيظا من التصرف المسيء، فبالتالي يتناسب هذا المفهوم العظيم مع ما أكده الحديث الشريف "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم" بمعنى أنه عملية مستمرة تحتاج إلى رقي وسمو وترفع على الصغائر، عندها لا يغتاظ الفرد من كلمة رديئة أو تلميح سلبي أو تصرف بذئ وهذا ما يعرف في علم النفس بتأكيد الذات وضبط النفس والتفاعل مع المواقف بدرجة عالية من الصحة النفسية والفاعلية.
ولقد أدهشني الحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير بني آدم البطيء الغضب السريع الفيء، وشرهم السريع الغضب البطيء الفيء" (أخرجه الترمذي)، هذا الحديث يعني أهمية التدريب على الحلم والخروج السريع من دوامة الانفعال قبل أن تتغير بيولوجيا الجسم وتتهيج أجهزته وتشتغل خلاياه.
التسامح هو تعلم القدرة على الحلم، وأنا لا أعني هنا كبت الغيظ وإنما أعني تعلم الترفع على الصغائر ورد العدوان بحكمة وتعقّل والتماس العذر للآخر قدر ما نستطيع وأن يكون في ذهننا دائما أن الإنسان الغضوب المنفعل ذو الصوت العالي هو إنسان يستحق الشفقة وهو في حقيقة الأمر يصرخ من ضعفه وخوفه،
ولا يعني ذلك أبدا أن يتنازل الإنسان عن حقوقه بل يأخذها بكياسة وتعقّل وبلا صراخ ولا حماقة ولا ضجيج، ولا ننسى قول الشاعر:
لكل داء دواء يستطاب به إلا الحماقة أعيت من يداويها
كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تسامحا وقدرة على السيطرة على غضبه وانفعالاته كان الرسول صلى الله عليه وسلم يواجه اعداءه بالحلم والعفو والحكمة ثم توصيل المعلومة عن هذا الدين العظيم مماجعلهم يدخلون في الإسلام بعد أن كانوا أعدائه، والآيات التي يجب أن نرددها باستمرار قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}
وقوله صلى الله عليه وسلم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك، فلماذا لا نتمسك بسنة الرسول الكريم ممثلة في سلوكيات العفو والتسامح.
سلوكيات العفو والتسامح لا يتقنها الإنسان بمجرد الرغبة أو استجابة للنصح أو للخطابة، وإنما هذه السلوكيات تحتاج إلى تدريب نفسي سلوكي لفترة طويلة هذا التدريب لابد أن يبدأ بغرس الآيات الكريمة التي تحض على العفو والتسامح مثل قوله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} {فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين} ثم الآية الرائعة العظيمة التي أعتقد أن كل إنسان بحاجة أن يكتبها في ورقة ويضعها في جيبه ويراها بين لحظة وأخرى ويكررها ويغرسها غرسا في ذهنه بين الحين والآخر قوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}
ثم بعد غرس هذه الآيات وتنشيطها من وقت لآخر في الذهن يأتي التدريب العملي على تطبيقها في مواقف عملية ومن خلال جدول يضعه الفرد لنفسه يذكر فيه الموقف وفي خانة أخرى يذكر فيها درجة الغضب أو الانفعال بالتقريب وفي خانة ثالثة درجة التسامح والسيطرة على الغضب ثم خانة رابعة يذكر فيها المكافأة الذاتية وهو أن يكافئ الفرد نفسه ماديا أو معنويا محببا لديه مثل زيارة بعض الأصدقاء أو الخروج إلى رحلة أو طعام أو شراب محبب إليه عندما يستطيع السيطرة على غضبه والتسامح بدرجة عالية.
إذن هناك واجب يومي مثل واجب المدرسة اليومي أن يختبر الإنسان نفسه في المواقف التي تسبب الانفعال والغضب ثم يختبر قدرته على التخلص الفوري من هذه الانفعالات السلبية وقدرته على التسامح، هذا التدريب يحتاج لمدة ثلاثة شهور على الأقل وعلى الإنسان أن يعرف أنه لن يستطيع أن يغير أي عادة من عاداته السلوكية إلا بجهد وجهاد وهنا نشير إلى أن هذا الجهد جوهر معنى جهاد النفس حسب اعتقادي
فالشخص سريع الانفعال الغضوب العالي الصراخ هو في الحقيقة إنسان ضعيف عاجز عن الحصول على حقوقه، وثبت علميا أن من صفات الشخصية المضطربة التي تعاني من القلق وسرعة الانفعال أنها شخصية لا تعرف التسامح ولم تجرب لذة العفو ونسيان الإساءة.
وهناك عالمة نفس أمريكية تدعى "كاشلين لولر" أكدت من خلال تجارب معملية حديثة في جامعة تينيسي الأمريكية أن الضغوط التي تؤدي إلى الغضب وسرعة الانفعال تُحْدِث تغييرات كبيرة في كيمياء أجهزة الجسم كاملة، بل وجدت أن مجرد التفكير أو التحدث عن إساءة أو خيانة أو إهانة تعرض لها الإنسان لدقائق معدودة يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في ضغط الدم ومعدل نبض القلب ومستوى التوتر العضلي وزيادة في معدلات المواد الناقلة للشحنات العصبية والنشاط الكهربي في الجهاز العصبي مع زيادة عدد آخر من الهرمونات المسئولة على عمليات حرق الجلوكوز والمواد التي تخرج من مخازنها في الجسم التي يستعملها الإنسان في معركته عند الشعور بهذه الضغوط والانفعالات، ووصفت هذه العالمة ما يحدث في الجسم نتيجة عدم الحلم أو عدم التسامح وسرعة الاستجابة بالانفعال والغضب الشديد بحالة "غليان الدم في العروق
الإمام الغزالي أكد في كتاب "إحياء علوم الدين" ـ كما ورد أيضا في كتب المعاملات الإسلامية الأخرى ـ أن الحلم أفضل من كظم الغيظ، لأن كظم الغيظ هو عملية السيطرة على رد الفعل أي منع الإنسان لنفسه من العدوان أو الرد بعنف على الإساءة، ولكن يعني هذا ضمنا أن الإنسان قد وصل إلى حد الغيظ والغضب وأن جسمه وجهازه العصبي قد بلغ درجة عالية من التوتر ومع ذلك فإن كظم الغيظ يعني منع الإنسان لنفسه من اللجوء إلى العنف "استطاع أن يمسك نفسه" وألا يعتدي ولكن الأكثر عمقا والأعلى درجة هو الحلم الذي يتساوى مع التسامح والذي يعني أن الإنسان لم يترك نفسه وأعصابه تلتهب وتشتعل غيظا من التصرف المسيء، فبالتالي يتناسب هذا المفهوم العظيم مع ما أكده الحديث الشريف "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم" بمعنى أنه عملية مستمرة تحتاج إلى رقي وسمو وترفع على الصغائر، عندها لا يغتاظ الفرد من كلمة رديئة أو تلميح سلبي أو تصرف بذئ وهذا ما يعرف في علم النفس بتأكيد الذات وضبط النفس والتفاعل مع المواقف بدرجة عالية من الصحة النفسية والفاعلية.
ولقد أدهشني الحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير بني آدم البطيء الغضب السريع الفيء، وشرهم السريع الغضب البطيء الفيء" (أخرجه الترمذي)، هذا الحديث يعني أهمية التدريب على الحلم والخروج السريع من دوامة الانفعال قبل أن تتغير بيولوجيا الجسم وتتهيج أجهزته وتشتغل خلاياه.
التسامح هو تعلم القدرة على الحلم، وأنا لا أعني هنا كبت الغيظ وإنما أعني تعلم الترفع على الصغائر ورد العدوان بحكمة وتعقّل والتماس العذر للآخر قدر ما نستطيع وأن يكون في ذهننا دائما أن الإنسان الغضوب المنفعل ذو الصوت العالي هو إنسان يستحق الشفقة وهو في حقيقة الأمر يصرخ من ضعفه وخوفه،
ولا يعني ذلك أبدا أن يتنازل الإنسان عن حقوقه بل يأخذها بكياسة وتعقّل وبلا صراخ ولا حماقة ولا ضجيج، ولا ننسى قول الشاعر:
لكل داء دواء يستطاب به إلا الحماقة أعيت من يداويها