عاشقة الرسول
13-02-2010, 02:29 AM
<TABLE width="100%"><TBODY><TR><TD class=writerstitle>آخر ربوع في صفر وثقافتا التفاؤل والأمل
</TD></TR><TR><TD class=writerstxt>الأربعاء الماضي كان موعد القلة مع التشاؤم السنوي القديم والمتكرر (آخر ربوع في صفر)، والذي زرع السابقون في قلوب من بعدهم الرعب منه، وأسأل الله أن يجازي خيراً كل من حاول من السابقين واللاحقين كسر حدة التشاؤم منه، وأتذكر في هذا الخصوص حرص أهلنا (المكيين) على إيقاف هذا المد السلبي له من خلال مطعوم مميز لهم يسمونه (عيش باللحم) ـ يفردون العجين ثم يصبون عليه خلطة اللحم ويضيفون عليها الكراث ثم الطحينة وبعد تزيينها بالسمسم يدخلونها في الفرن؛ أكلةٌ مكيةٌ خالصة ـ وكذلك أتذكر حرص سادتي (المدنيين) على (شقح الخضار) أي التنزه خارج البيوت، والمشي على الحشيش الأخضر، ولغيرهما من سكان المعمورة عاداتٌ وأعرافٌ لا تقل جمالاً عما ذكر. هذه التوطئة أردت من خلالها الحديث عن التفنن الجميل في بث (الأمل) و(التفاؤل) في حياة الناس، و(المجرب) يعرف أن جمالهما ينعكس على صاحبه إيجابا، حيث يميل بنفسه إلى الجانب الأحسن، والنتائج الأفضل، ويجعله لا يعير النظيرين الفلسفيين لهما (الإحباط) و(التشاؤم) أي اهتمام. اعتقاد أن الأمور جيدةٌ، وأن الحالاتِ الكونيةَ تسير دائماً في هذا الاتجاه أمرٌ مطلوب، وأنه وبغض النظر عما يدور هنا وهناك يجب على الإنسان أن يبحث عن كل ما يشعره بالارتياح، وهذا يحتاج إلى أمورٍ كثيرة، ومنها التدرب ـ مع التخيل ـ على ترديد عباراتٍ جالبة للأمل وطاردةٍ للكدر، مثل: "الأمل ربما يتلاشى.. لكن لا ينعدم" و"كوخٌ أضحك فيه خيرٌ من قصرٍ أبكي فيه" و"لا يجرؤ بعض الناس أن يكونوا ملوكاً حتى في أحلامهم.. وهذا هو الخطأ الجسيم". أكتب هذا المقال من مدينة الألف مئذنة "القاهرة" وعلى ضفاف أطول أنهار الدنيا "النيل"، مترنماً بأحلى وأغلى ما يحسن تذكره في هذا الخصوص، وأقصد بذلك شعر الشاعر اللبناني الشهير، شاعر المهجر (إيليا أبو ماضي)، أو (شاعر الأمل والتفاؤل) كما يسميه النقاد، والذي أثرت فيه أمورٌ كثيرة كالفقر والغربة، وقبلهما قريته (المحديثة) إحدى قرى جبل لبنان، ذات الماء والخضرة وتوابعهما، كل ذلك جعله يفلسف الحياة بصورةٍ جميلة مغلفة بالأمل والتفاؤل، ومن ذلك أنه حاور ـ قبل 52 سنة ـ أحد غلاة المحبطين والمتشائمين، وصور لنا ذلك نظماً في رائعته: (ابتسم)، ومنها "قال:
السماء كئيبةٌ! وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما! قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتسم
لن يرجع الأسفُ الصبا المتصرما!"
إلى آخر ما قاله، ومن ذلك قصيدته الخالدة: (فلسفة الحياة) التي قال فيها:
"أيها الشاكي وما بك داءُ
كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شر الجناة في الأرض نفسٌ
تتوقى قبل الرحيل رحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى
أن ترى فوق الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمالٍ
لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
(وختمها بقوله):
أيها الشاكي وما بك داء
كن جميلاً ترى الوجود جميلا".
لا شك أن (التفاؤل) نعمة، حبها صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله في الصحيح الصريح: "... يعجبني الفألُ الصالح؛ الكلمةُ الحسنة"، وصدق الله القائل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. الأمل والتفاؤل صناعةٌ وثقافة، ملخصها أن ننظر دائما إلى أن نصف الكأس ممتلئٌ وليس فارغا.
للتعليقات
</TD></TR></TBODY></TABLE>
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3424&id=17718&Rname=420
</TD></TR><TR><TD class=writerstxt>الأربعاء الماضي كان موعد القلة مع التشاؤم السنوي القديم والمتكرر (آخر ربوع في صفر)، والذي زرع السابقون في قلوب من بعدهم الرعب منه، وأسأل الله أن يجازي خيراً كل من حاول من السابقين واللاحقين كسر حدة التشاؤم منه، وأتذكر في هذا الخصوص حرص أهلنا (المكيين) على إيقاف هذا المد السلبي له من خلال مطعوم مميز لهم يسمونه (عيش باللحم) ـ يفردون العجين ثم يصبون عليه خلطة اللحم ويضيفون عليها الكراث ثم الطحينة وبعد تزيينها بالسمسم يدخلونها في الفرن؛ أكلةٌ مكيةٌ خالصة ـ وكذلك أتذكر حرص سادتي (المدنيين) على (شقح الخضار) أي التنزه خارج البيوت، والمشي على الحشيش الأخضر، ولغيرهما من سكان المعمورة عاداتٌ وأعرافٌ لا تقل جمالاً عما ذكر. هذه التوطئة أردت من خلالها الحديث عن التفنن الجميل في بث (الأمل) و(التفاؤل) في حياة الناس، و(المجرب) يعرف أن جمالهما ينعكس على صاحبه إيجابا، حيث يميل بنفسه إلى الجانب الأحسن، والنتائج الأفضل، ويجعله لا يعير النظيرين الفلسفيين لهما (الإحباط) و(التشاؤم) أي اهتمام. اعتقاد أن الأمور جيدةٌ، وأن الحالاتِ الكونيةَ تسير دائماً في هذا الاتجاه أمرٌ مطلوب، وأنه وبغض النظر عما يدور هنا وهناك يجب على الإنسان أن يبحث عن كل ما يشعره بالارتياح، وهذا يحتاج إلى أمورٍ كثيرة، ومنها التدرب ـ مع التخيل ـ على ترديد عباراتٍ جالبة للأمل وطاردةٍ للكدر، مثل: "الأمل ربما يتلاشى.. لكن لا ينعدم" و"كوخٌ أضحك فيه خيرٌ من قصرٍ أبكي فيه" و"لا يجرؤ بعض الناس أن يكونوا ملوكاً حتى في أحلامهم.. وهذا هو الخطأ الجسيم". أكتب هذا المقال من مدينة الألف مئذنة "القاهرة" وعلى ضفاف أطول أنهار الدنيا "النيل"، مترنماً بأحلى وأغلى ما يحسن تذكره في هذا الخصوص، وأقصد بذلك شعر الشاعر اللبناني الشهير، شاعر المهجر (إيليا أبو ماضي)، أو (شاعر الأمل والتفاؤل) كما يسميه النقاد، والذي أثرت فيه أمورٌ كثيرة كالفقر والغربة، وقبلهما قريته (المحديثة) إحدى قرى جبل لبنان، ذات الماء والخضرة وتوابعهما، كل ذلك جعله يفلسف الحياة بصورةٍ جميلة مغلفة بالأمل والتفاؤل، ومن ذلك أنه حاور ـ قبل 52 سنة ـ أحد غلاة المحبطين والمتشائمين، وصور لنا ذلك نظماً في رائعته: (ابتسم)، ومنها "قال:
السماء كئيبةٌ! وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما! قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتسم
لن يرجع الأسفُ الصبا المتصرما!"
إلى آخر ما قاله، ومن ذلك قصيدته الخالدة: (فلسفة الحياة) التي قال فيها:
"أيها الشاكي وما بك داءُ
كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شر الجناة في الأرض نفسٌ
تتوقى قبل الرحيل رحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى
أن ترى فوق الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمالٍ
لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
(وختمها بقوله):
أيها الشاكي وما بك داء
كن جميلاً ترى الوجود جميلا".
لا شك أن (التفاؤل) نعمة، حبها صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله في الصحيح الصريح: "... يعجبني الفألُ الصالح؛ الكلمةُ الحسنة"، وصدق الله القائل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. الأمل والتفاؤل صناعةٌ وثقافة، ملخصها أن ننظر دائما إلى أن نصف الكأس ممتلئٌ وليس فارغا.
للتعليقات
</TD></TR></TBODY></TABLE>
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3424&id=17718&Rname=420