مها قزاز
22-05-2010, 02:53 AM
الزواج المبكر والاستدلالات الخاطئة
الزواج المبكر ظاهرة قديمة، وليس ظاهرة اجتماعية طارئة، فلم يكن غريبا قديما أن تتزوج فتاة وهي لم تكمل عقدها الأول، لأن طريقة عيشتها منحتها القدر اللازم على تحمل المسؤولية، وأمدتها بجرعات من التكيف والتمكن على القيام بأعباء الحياة الجديدة.
موضوع الزواج المبكر تكلم فيه كثير من الناس، وطرقه عدد من العلماء والفقهاء كثيرا، وأؤكد على أن هذه القضية بالتحديد لا تحتاج لرأي جهة واحدة، إنما هي في حاجة لدراسة شاملة من جميع الجوانب، ومن ثم إصدار قرار جماعي حولها من الجهات المعتبرة.
معروف أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سنا معينة لعقد الزواج، ومع أن بعض الفقهاء القدامى أجازوا الزواج دون البلوغ، فإن الأكثرين رجحوا ربط الزواج بالبلوغ، والبلوغ عند بعضهم هو الرشد" ثماني عشرة سنة للفتى، سبع عشرة سنة للفتاة" ـ وهو قول أبي حنيفة والمالكية وغيرهم ـ ، وحجتهم أن المقصود بالبلوغ الكمال والتمام ولا يتحقق ذلك إلا في هذه السن.
البعض لديهم قراءة خاطئة لحديث "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.."، والحق أنه تحفيز للعزاب للأخذ بأسباب التأهل للزواج.
إضافة إلى ذلك نجد أن الكلمة السرية في الحديث هي (الشباب)، وهي مختلفة عن (الصبي) أو(الغلام) أو(اليافع)، فـ "الشباب" في بعض كتب اللغة الدقيقة تعني الإنسان ما بين الثلاثين والأربعين.
نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتزوج قبل الخامسة والعشرين، والخامسة والعشرون في مكة المكرمة آنذاك تعادل أكثر من هذه السن حاليا، وزواج الخامسة والعشرين تلك الأيام يعتبر مائلا للتأخر. ومن أراد مقارنة زواجه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بأمنا السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ، يجاب عنه بأن ليس كل الناس مثله ـ عليه الصلاة والسلام ـ، ولا كل الآباء والأولياء مثل أبيها الصديق ـ رضي الله عنه ـ . وهناك دراسات تؤكد أن سنها كانت أكبر مما ورد، وأن هذه خصوصية نبوية، وقضية عين، وقضايا العين لا يُقاس بها، كما أن ذلك كان قبل حديث "لا تنكح الأيم ـ الثيب ـ حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن".
الإمام أبو حنيفة يقول: "تزويج البكر البالغة العاقلة بغير رضاها لا يجوز لأحد بحال" .
قضية الزواج المبكر لم تكن لتناقش لولا التقارير والدراسات التي أظهرت أن الفتيات اللاتي يتزوجن مبكرا، تزيد لديهن مخاطر الانفصال، مقارنة باللاتي يتزوجن في سن مناسبة، ناهيك عن العواقب الصحية، والمعوقات الحياتية المختلفة.
ورغم واقعية الموانع، إلا أن كثيرين انتقدوها، بحجة أنها دعوات غربية، لا تناسب مجتمعاتنا الشرقية التي تعظم الحياة الزوجية، وتدفع بإمضائه سريعا.
والحقيقة أن حرص الدين على تسهيل الزواج لا يتعارض أبدا والدعوة العاقلة للتمهل في أخذ قرار الزواج، وتهيئة الظروف العمرية المناسبة له.
والذي يُتمنى حدوثه، من ولي الأمر ـ حفظه الله ورعاه ـ هو تقييد هذا الأمر المباح ـ وهو حق شرعي له ـ، وأن يتضمن أمره الكريم وضع قرارين: أولهما تحديد سن الزواج، وثانيهما: ضبط الفرق العمري بين الزوجين، والقاعدة الشرعية تقول: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان".
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=378
الزواج المبكر ظاهرة قديمة، وليس ظاهرة اجتماعية طارئة، فلم يكن غريبا قديما أن تتزوج فتاة وهي لم تكمل عقدها الأول، لأن طريقة عيشتها منحتها القدر اللازم على تحمل المسؤولية، وأمدتها بجرعات من التكيف والتمكن على القيام بأعباء الحياة الجديدة.
موضوع الزواج المبكر تكلم فيه كثير من الناس، وطرقه عدد من العلماء والفقهاء كثيرا، وأؤكد على أن هذه القضية بالتحديد لا تحتاج لرأي جهة واحدة، إنما هي في حاجة لدراسة شاملة من جميع الجوانب، ومن ثم إصدار قرار جماعي حولها من الجهات المعتبرة.
معروف أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سنا معينة لعقد الزواج، ومع أن بعض الفقهاء القدامى أجازوا الزواج دون البلوغ، فإن الأكثرين رجحوا ربط الزواج بالبلوغ، والبلوغ عند بعضهم هو الرشد" ثماني عشرة سنة للفتى، سبع عشرة سنة للفتاة" ـ وهو قول أبي حنيفة والمالكية وغيرهم ـ ، وحجتهم أن المقصود بالبلوغ الكمال والتمام ولا يتحقق ذلك إلا في هذه السن.
البعض لديهم قراءة خاطئة لحديث "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.."، والحق أنه تحفيز للعزاب للأخذ بأسباب التأهل للزواج.
إضافة إلى ذلك نجد أن الكلمة السرية في الحديث هي (الشباب)، وهي مختلفة عن (الصبي) أو(الغلام) أو(اليافع)، فـ "الشباب" في بعض كتب اللغة الدقيقة تعني الإنسان ما بين الثلاثين والأربعين.
نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتزوج قبل الخامسة والعشرين، والخامسة والعشرون في مكة المكرمة آنذاك تعادل أكثر من هذه السن حاليا، وزواج الخامسة والعشرين تلك الأيام يعتبر مائلا للتأخر. ومن أراد مقارنة زواجه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بأمنا السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ، يجاب عنه بأن ليس كل الناس مثله ـ عليه الصلاة والسلام ـ، ولا كل الآباء والأولياء مثل أبيها الصديق ـ رضي الله عنه ـ . وهناك دراسات تؤكد أن سنها كانت أكبر مما ورد، وأن هذه خصوصية نبوية، وقضية عين، وقضايا العين لا يُقاس بها، كما أن ذلك كان قبل حديث "لا تنكح الأيم ـ الثيب ـ حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن".
الإمام أبو حنيفة يقول: "تزويج البكر البالغة العاقلة بغير رضاها لا يجوز لأحد بحال" .
قضية الزواج المبكر لم تكن لتناقش لولا التقارير والدراسات التي أظهرت أن الفتيات اللاتي يتزوجن مبكرا، تزيد لديهن مخاطر الانفصال، مقارنة باللاتي يتزوجن في سن مناسبة، ناهيك عن العواقب الصحية، والمعوقات الحياتية المختلفة.
ورغم واقعية الموانع، إلا أن كثيرين انتقدوها، بحجة أنها دعوات غربية، لا تناسب مجتمعاتنا الشرقية التي تعظم الحياة الزوجية، وتدفع بإمضائه سريعا.
والحقيقة أن حرص الدين على تسهيل الزواج لا يتعارض أبدا والدعوة العاقلة للتمهل في أخذ قرار الزواج، وتهيئة الظروف العمرية المناسبة له.
والذي يُتمنى حدوثه، من ولي الأمر ـ حفظه الله ورعاه ـ هو تقييد هذا الأمر المباح ـ وهو حق شرعي له ـ، وأن يتضمن أمره الكريم وضع قرارين: أولهما تحديد سن الزواج، وثانيهما: ضبط الفرق العمري بين الزوجين، والقاعدة الشرعية تقول: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان".
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=378