![]() |
قال الله تعالى: "لا يسطيعون نصرهم" أي لا تقدر الآلهة على نصر عابديها بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل وأحقر وأدحر بل لا تقدر على الاستنصار لأنفسها ولا الانتقام ممن أرادها بسوء لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل وقوله تبارك وتعالى: "وهم لهم جند محضرون" قال مجاهد يعني عند الحساب يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة محضرة عند حساب عابديها ليكون ذلك أبلغ في حزنهم وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم وقال قتادة "لا يستطيعون نصرهم" يعني الآلهة "وهم لهم جند محضرون" والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم شرا إنما هي أصنام وهكذا قال الحسن البصري وهذا القول حسن وهو اختيار ابن جرير رحمه الله تعالى.http://www.qcat.net/Quran/quran/75.gif
وقوله تعالى: "فلا يحزنك قولهم" أي تكذيبهم لك وكفرهم بالله "إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون" أي نحن نعلم جميع ما هم فيه وسنجزيهم وصفهم ونعاملهم على ذلك يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلا ولا حقيرا ولا صغيرا ولا كبيرا بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديما وحديثا.http://www.qcat.net/Quran/quran/76.gif قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير والسدي وقتادة جاء أبي بن خلف لعنه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته ويذروه في الهواء وهو يقول يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم "نعم يميتك الله تعالى ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار" ونزلت هذه الآيات من آخر يس "أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة" إلى آخرهن وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا محمد بن العلاء حدثنا عثمان بن سعيد الزيات عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن العاص بن وائل أخذ عظما من البطحاء ففته بيده ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيحيي الله هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك جهنم" قال فنزلت الآيات من آخر يس ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير فذكره ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما وروى من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء عبدالله بن أبي بعظم ففته وذكر نحو ما تقدم وهذا منكر لأن السورة مكية وعبدالله بن أبي بن سلول إنما كان بالمدينة وعلى كل تقدير سواء كانت هذه الآيات قد نزلت في أبي بن خلف أو العاص بن وائل أو فيهما فهي عامة في كل من أنكر البعث والألف واللام في قوله تعالى: "أو لم ير الإنسان" للجنس يعم كل منكر للبعث "أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" أي أو لم يستدل من أنكر البعث بالبدء على الإعادة فإن الله ابتدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين فخلقه من شيء حقير ضعيف مهين كما قال عز وجل "ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم" وقال تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج" أي من نطفة من أخلاط متفرقة فالذي خلقه من هذه النطفة الضعيفة أليس بقادر على إعادته بعد موته كما قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا أبو المغيرة حدثنا جرير حدثني عبدالرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير عن بشر بن جحاش قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوما في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تعالى بني آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة؟" ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن جرير بن عثمان به.http://www.qcat.net/Quran/quran/77.gif ولهذا قال تعالى: "وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم" أي استبعد إعادة الله تعالى ذي القدرة العظيمة التي خلقت السموات والأرض للأجساد والعظام الرميمة ونسي نفسه وأن الله تعالى خلقه من العدم إلى الوجود فعلم من نفسه ما هو أعظم مما استبعده وأنكره وجحده.http://www.qcat.net/Quran/quran/78.gif ولهذا قال عز وجل "قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم" أي يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها أين ذهبت وأين تفرقت وتمزقت قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عبدالملك بن عمير عن ربعي قال: قال عقبة بن عمرو لحذيفة رضي الله عنهما ألا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعته صلى الله عليه وسلم يقول "إن رجلا حضره الموت فلما يئس من الحياة أوصى أهله إذا أنا مت فاجمعوا لي حطبا كثيرا جزلا ثم أوقدوا فيه نارا حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فامتحشت فخذوها فدقوها فذروها في اليم ففعلوا فجمعه الله تعالى إليه ثم قال له لم فعلت ذلك؟ قال من خشيتك فغفر الله عز وجل له" فقال عقبة بن عمرو: وأنا سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك وكان نباشا وقد أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الملك بن عمير بألفاظ كثيرة منها أنه أمر بنيه أن يحرقوه ثم يسحقوه ثم يذروا نصفه في البر ونصفه في البحر في يوم رائح أي كثير الهواء ففعلوا ذلك فأمر الله تعالى البحر فجمع ما فيه وأمر البر فجمع ما فيه ثم قال له كن فإذا هو رجل قائم فقال له ما حملك على ما صنعت؟ قال: مخافتك وأنت أعلم; فما تلافاه أن غفر له.http://www.qcat.net/Quran/quran/79.gif وقوله تعالى: "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون" أي الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضرا نضرا ذا ثمر وينع ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا توقد به النار كذلك هو فعال لما يشاء قادر على ما يريد لا يمنعه شيء قال قتادة في قوله "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون" يقول الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه وقيل المراد بذلك شجر المرخ والعفار ينبت في أرض الحجاز فيأتي من أراد قدح نار وليس معه زناد فيأخذ منه عودين أخضرين ويقدح أحدهما بالآخر فتتولد النار من بينهما كالزناد سواء وروي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي المثل: لكل شجر نار واستمجد المرخ والغفار وقال الحكماء في كل شجر نار إلا العناب.http://www.qcat.net/Quran/quran/80.gif يقول تعالى مخبرا منبها على قدرته العظيمة في خلق السموات السبع بما فيها من الكواكب السيارة والثوابت والأرضين السبع وما فيها من جبال ورمال وبحار وقفار وما بين ذلك ومرشدا إلى الاستدلال على إعادة الأجساد بخلق هذه الأشياء العظيمة كقوله تعالى: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس" وقال عز وجل ههنا "أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم" أي مثل البشر فيعيدهم كما بدأهم قاله ابن جرير وهذه الآية الكريمة كقوله عز وجل "أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير".http://www.qcat.net/Quran/quran/81.gif |
وقال تبارك وتعالى ههنا "بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" أي إنما يأمر بالشيء أمرا واحدا لا يحتاج إلى تكرار وتأكيد. إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له كن قوله فيكون وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن نمير حدثنا موسى بن المسيب عن شهر عن عبدالرحمن عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله تعالى يقول يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت فاستغفروني أغفر لكم وكلكم فقير إلا من أغنيت إني جواد ماجد واجد أفعل ما أشاء عطائي كلام وعذابي كلام إذا أردت شيئا فإنما أقول له كن فيكون".http://www.qcat.net/Quran/quran/82.gif
وقوله تعالى: "فسبحان الذي بيده ملكوت كل شي وإليه ترجعون" أي تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء للحي القيوم الذي بيده مقاليد السموات والأرض وإليه رجع الأمر كله وله الخلق والأمر وإليه يرجع العباد يوم المعاد فيجازي كل عامل بعمله وهو العادل المنعم المتفضل. ومعنى قوله سبحانه وتعالى "فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء" كقوله عز وجل "قل من بيده ملكوت كل شيء" وكقوله تعالى: "تبارك الذي بيده الملك" فالملك والملكوت واحد في المعنى كرحمة ورحموت ورهبة ورهبوت وجبر وجبروت ومن الناس من زعم أن الملك هو عالم الأجسام والملكوت هو عالم الأرواح والصحيح الأول وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم. قال الإمام أحمد حدثنا شريح بن النعمان حدثنا حماد عن عبدالملك بن عمير حدثني ابن عم لحذيفة عن حذيفة رضي الله عنه قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات وكان صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال "سمع الله لمن حمده - ثم قال - الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" وكان ركوعه مثل قيامه وسجوده مثل ركوعه فانصرف وقد كادت تنكسر رجلاي. وقد روى أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن رجل من بني عبس عن حذيفة رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وكان يقول "الله أكبر - ثلاثا - ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" ثم استفتح فقرأ البقرة ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه وكان يقول في ركوعه "سبحان ربي العظيم" ثم رفع رأسه من الركوع فكان قيامه نحوا من ركوعه وكان يقول في قيامه "لربي الحمد" ثم سجد فكان سجوده نحوا من قيامه وكان يقول في سجوده "سبحان ربي الأعلى" ثم رفع رأسه من السجود وكان يقعد فيما بين السجدتين نحوا من سجوده وكان يقول "رب اغفر لي رب اغفر لي" فصلى أربع ركعات فقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام - شك شعبة - هذا لفظ أبي داود. وقال النسائي: أبو حمزة عندنا طلحة بن يزيد وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة كذا قال: والأشبه أن يكون ابن عم حذيفة كما تقدم في رواية الإمام أحمد والله أعلم. وأما رواية صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله عنه فإنها في صحيح مسلم ولكن ليس فيها الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة. وقال أبو داود حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثني معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس عن عاصم بن حميد عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الله ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ قال ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة" ثم سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة ورواه الترمذي في الشمائل والنسائي من حديث معاوية بن صالح به. آخر تفسير سورة يس ولله الحمد والمنة.http://www.qcat.net/Quran/quran/83.gif جزاكم الله خير يارب أجعلها في ميزان حسناتكم يارب الدعاء لخوتكم الله يتقبل ويجعلها في قلوبنا اللهم أجعل القران ربيع قلوبنا |
جزاك الله الف خير
عاشقة الرسول |
وجزاك يا قمر هلا بيك
منوره الموضوع تحياتي |
جزاك الله الف خير
الله يجعلك بكل حرف اجر عظيم:313: |
يارب يا لالا دعواتك قلبو
|
اغلى الناس ربنا يكتب لك ولناالاجر والثواب ولا يحرمنا من علمك وزهدك -
|
يارب واياك سيدي محمود
أسعدني مرورك |
الساعة الآن 09:37 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd