منتدى قزاز العام - البردة والخط والزخرفة.. إبداعات متنوعة

البردة والخط والزخرفة.. إبداعات متنوعة

قصيدة (البردة) للصحابي الجليل سيدنا كعب بن زهير ـ رضي الله عنه ـ تعد من أشهر القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، افتتحها بذكر محبوبته (سعاد)، متتبعا لعادة العرب، وكافأه على صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم برمي بردته الشريفة عليه. ثم كانت قصيدة (البردة) ـ أو البرأة أو الكواكب الدرية في مدح خير البرية للإمام شرف الدين محمد بن سعيد البوصيري ـ أشهر قصيدة في الشعر العربي بين العامة والخاصة، وأشهر القصائد في المديح النبوي ـ ومن جمال معانيها نبعت (جائزة البردة)، التي تنظمها سنويا وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة، ساعية لجعلها جائزة متميزة في الاحتفاء بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، مع تكريم المتميزين والمبدعين في (الشعر) و(الخط) و(الزخرفة) في موضوع المديح النبوي. إ

ن ما رأيته من إبداع هذه الجائزة شدني للبحث عن مفردات ومعلومات أصوغ بها مقالي هذا، وقررت لضيق المساحة الاقتصار على ـ أبدع الإبداعات ـ موضوعي الخط والزخرفة.
(الخط العربي) يعني فن وتصميم الكتابة بالأحرف العربية، معتمدا على التناسب بين الخط والنقطة، وقد ظهر بنسخ القرآن الكريم، والرسائل النبوية، وتتابع أمر تطوره حتى الآن. ومن أنواعه ما سمي بأسماء المدن كالمدني والمكي والكوفي والفارسي والنبطي، ومنها ما سمي بأسماء مبدعيها كالياقوتي والريحاني والرياسي والغزلاني. مسابقة الخط التقليدي لهذا العام خصصت في (خط الثلث)، وهو الخط الذي ظهر في القرن الرابع الهجري، والذي يعد أصل ـ أو من أصول ـ الخطوط العربية، المتأصلة من الخط النسخ ـ النسخي ـ وهو خط يمثل أروع الخطوط منظرا وجمالا، وأصعبها كتابة وإتقانا، ولذا أصبح هو الميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط، فلا يعتبر الخطاط خطاطا ما لم يتقنه، ومن أتقنه أتقن غيره بسهولة، ومن لم يتقنه لا يعد بغيره خطاطا مهما أجاد، وهو خط يقل استعماله في كتابة المصحف لصعوبته، ولأنه يأخذ وقتا طويلا في الكتابة، ويقتصر استعماله على عناوين الكتب وبعض الآيات والجمل وتزيين المساجد والمحاريب والقباب وبدايات المصاحف وبطاقات الأفراح وبعض أسماء الصحف والمجلات. ومشهور أن الخطاط العباسي (ابن مقلة) ـ أحد وزراء بغداد ـ هو أول من وضع أسسا مكتوبة للخط، وهو الذي اخترع خط الثلث، وكل من جاء بعده عالة عليه. وعدا (الثلث) هناك خطوط كثيرة جميلة وبديعة؛ كالكوفي والديواني ـ السلطاني ـ والتعليق ـ الفارسي ـ والطغراء أو الطرة ـ العثماني ـ وغيرها من المفاخر. و(الزخرفة) هي الأخرى مما ميز الفن الإسلامي بأشكالها الهندسية المتداخلة ووحداتها النباتية ـ الزهور والأوراق ـ والثمار، وهو فن ظهر نتيجة امتزاج الحضارة العربية بغيرها من الحضارات، ويراها المنتبهون لها بوضوح في المساجد والقصور والقباب، فتحدث في أنفسهم كثيرا من الراحة والهدوء والانشراح، ويعتبر المقدرون للزخرفة أنها لغة الفن الإسلامي.
الفن الإسلامي بمعنى الفن الذي قدمه أو يقدمه المسلمون في المشارق والمغارب ـ ومنه الخط والزخرفة ـ فن نفعي ومؤثر، لا يحافظ عليه ولا يقدره إلا من يقدر الجمال، ويملك تصورا شاملا للإنسان والكون والحياة، ويستطيع تسخيره لخدمة الحق والفضيلة والعدالة، ويملك إيماناً كافياً بأن تفنن المسلمين أمر فوق العبث أو الباطل، لأن غايته إيصال الجمال إلى حس الناس، والارتقاء بمشاعرهم وأذواقهم، وتحسين مستوى نفسياتهم، ومساعدتهم في جعلهم مبتسمين مبتهجين، في زمن كثر فيه المتجهمون المتنطعون.
للمزيد

http://www.alwatan.com.sa/news/write...8274&Rname=420