يجتاحني الشوق لامي كثيرا جدا فهي لم تكن رحمها الله مجرد ام لو كنها كانت ام و اب و صديقة و صديق و رفيق طفولة جميل شاء الله لها ما شاء و قدر علينا ما قدر
و لكن عندما قرات ما كتبته جارة الوادي قررت ان اكتب هذه الرسالة التي هي واحده من عشرات و اترككم مع الرسالة .
الى امي .. اليك يا اغلى الناس و احبهم .... هانا يا امي اعود اليك مرة ثانيه البستكثوب الحياة و بيننا هذا المسمى القبر و بيننا التراب هأنا مرة اخرى مثل مرات سابقة و كثيرة اقف باحثا عن حنانك الذي فقدته صغيرا سأتلو عليك يا امي تعبي و بكائي و اشتياقي لك فاسمعي يا امي هذه الكلمات بروح الطفولة العذبة كاني اقراءها لك و انا في الثالثة عشرة من عمري حين عرفت بموتك بعد ان اخفوه عني و اسكنيها صفحات صدرك
و قلبك.. لانها من قلبي اليك انت يا امي الحنون
امي .. ان اول دمعة صادقة يذرفها الانسان تكون لحظة خروجه من بطن امه و الدمعة الثانية تكون عندما يقطعون الحبل السري لانهم بهذا يقطعون الصلة الاخيرة بينه و بين عالمه العذب .. و الدمعه الثالثه و الاخيرة فهي التي يذرفها عندما يحرمونه من صدر امه بدعوى الكبر و يسقط حينها من عرش طفولته الى الابد
لكن انا انسان دموعي لا تنتهي .. تتوقف لتعود من جديد فالدمعة الاولى التي اذرفها هي بسبب هذا البعد القاتل عنك .. و الدمعه الثانية و الثالثة هي بسبب جفاءك و عنادي , و الدمعات التي لا تنتهي هي التي تاتي من احساسي الجارف بالشوق و الحنين اليك و الى صدرك الحنون كل لحظة .
امي انا هنا تعب ووحيد و الناس حولي لا يرحمون .. ما ذا افعل و انت بعيدة عني ..
المكان هنا جد موحش .. و انت بعيدة عني .. لم اعد اطيق العيش هنا بدون عينيك و صوتك و ضحكاتك
امي اشعر باني ضائع هنا
الهث حين يستبد بي التعب .. و اشعر بالضيق و القنوط و الهث وراء طيفك و رائحتك ..
اجري و اتعثر .. انهض و اخطو اليك مرة بعد مرة ..
أمد يدي بشغف و لهفة لأتعلق بطرف ثوبك .. و الوذ بظهرك
و اطل براسي مبتسما على الناس من ورائك
و اخرج لساني للعالم اجمع و اقبلك في راسك ..
امي لاتحرميني من سحر كلماتك و حنانك و رحمتك
اشعريني برحمة الله التي بعثها فيك هدية لي
لكي لا ينقطع حديثي اليك حين اشعر بصمتك يحاصرني
انت تحبيني و لا اظنك تملين الاستماع لي
ان لم تكوني تعشقي ذلك ..
ساعرف كل اجابات هذه الاسئلة في عينيك البريئتين حين تنام اناملي المرتعشة في صفحة يديك الرقيقتين
و قلبي يعلو و يبهط على صدرك مع انفاسك
و رأسي على كتفك و انا متعلق برقبتك
احبك يا امي يا سر حياتي العذب و الخفي
احيانا كثيرة يا امي اقول في نفسي .. كلاما اعلم انه سيغضبك مني لو قلته امامك و لكنه حقيقة ما اتمنى حين تحاصرني هذه الوحدة .. اتعلمين يا امي الحبيبة و الحنونة و البعيدة ما اقول ؟؟
اقول : متىسياتي الموت و ياخذني اليك كم اشتاق الموت يا امي حين ابكي في المساءاتالباردةوحدي الملم ملابسك التي معي و احضنها لاشم راحتك و ابكي حتى انام مهدودا فياحضانك .. لا تصدقي يا امي اني كبرت انا لا زلت اوقع الطعام من فمي و لا زلت ابكيحيناقع على الارض امي ساقف و انت خبريني اني لم اكبر دعيني ابقى طفلا بجواركلاعيشكما يحلو لي
امي هل غضبت لاني اقترفت بحقك شيء ممايولده حبك في قلبي .. و لني احزنتك على ما ترينه انت من بسيط الاشياء .. انت مقدسة عندي يا امي فانا اخاف عليك و اغار و اذوب هياما بك ..
لا تحزني مني .. و لا تجعلي دموعك اللؤلؤية تسقط من عينيك الجميلتين لانها تترقرق في عيني ساعتها .
انا طفلك يا امي و انت ستقولي في نفسك انك تعرفي عثرات طفلك .. احبك يا مي لانك طيبة السريرة و طاهرة الصلاة حين الجاء يا امي الى معاقبتك و القسوة عليك بالهروب من جوارك و انت الاثيرة عندي و المالئة شغاف قلبي
فانت حينها تكوني اكبر جزء في كياني
و حين احس بدموعك و حزنك فإن قلبي يبكي قبلك و معك و يكاد ان يقفز من شجوه لك و يحضنك و يقبلك و يقول سامحيني فانا اخاف عليك ..
امي هل تريدين معاقبتي لاني احزنتك ؟؟ انت الوحيدة التي لك الحق في هذاالعالم ان تؤنبيني و تعاقبيني كما افعل انا فمن يحب يا امي هو وحده الذي له الحق ان يعاقب من يحب .. انت لست امي فقط ..
انت امي و ابي و اخوتي و اصدقائي و كل الناس حولي
فيك ومعك استشعر سطوة الكبير الذي يحرص على حياة الصغير .. فيقومها اذا اعوجت و يساندها لو تساقطت
و يعفو عنها اذا اخطات .. ساخضع لك و ستنبهيني يا امي للغلط و السهو و النسيان
ساسير بين يديك واجفاً منتظراً التعنيف و العقوبه ..
سابين لك افتقاري للعطف و الحنان
سابكي امامك و انت لا تدرين .. سابكي كثير كثيرا يا امي و لن تشاهدي دموعي لاني احبك .. ساخفيها وراء ابتسامتي العذبة التي تعشقينها ..
ساطلب منك الرأي و النصيحة عند ارتباك فكري و اشتباك السبل .. فانت تعلمي انك تملكين نفسي
لا تحزني يا امي من عثرتي فانها كانت لاجلك .. و لكن طفلك الحبيب يرجو ان تعرفي في ذات نفسك اسباب ما اقترف و ماكان .. انا غضبت يا امي منك لانك رحلتي عني و لأني كلما اتيت اليك احدثك طويلاً طويلاً يا أمي و لا تردين علي .. امي لمرة واحده فقط .. ارجوكي اخرجي من بين اثقال التراب
و عانقيني كما كنتي تفعلي من قبل .. و كما تفعلي في الاحلام .. و غني لي اغنيتي المفضلة التي كنتي تغنيها لي و انا في حضنك و انت تمشطي شعري الاشعث .. احكي لي يا امي كيف كنت انا امنيتك الحبيبة في احشاءك و كنتي ترسميني في احلامك احلى من البدر ثم خرجت الى الدنيا من اصبع رجلك كما كنت تقولي لي حين اسالك .. و صرت امامك فجاءة امنية حلوة تحققت في غمضة عين .. امي اتذكرين الارجوحة التي في بيتنا القديم الان يلهو بها اطفال ايتام رحل اباءهم و امهاتهم عنهم كما رحلتي انت .. اني اراك فيهم و حولهم و في عيونهم حين ازورهم و اراهم يجرون و يلعبون و يضحكون . البعض هنا يا امي من الكبار عاتبوني لماذا وهبت لهم ذلك البيت .. هم يا امي لا يعرفون انك انت من طلب ذلك حين جئتي لي في احلامي ... اولئك الصغار يا امي فرحين بك و انت معهم تلمئي عتبات البيت براحئتك العطرة و انفاسك الرقيقه انا اهرول ورائهم و معهم لأبحث عنك هناك يا امي اعود لعهدي القديم .. امي لقد وقعت على السلالم الان انا ابكي مثل اي طفل منهم لن انهض لوحدي هيا .. تعالي و انهضيني و عاتبي ذلك السلم الذي اوقعني ارضا قولي له لماذا توقع حبيبي و قرة عيني على الارض انه صغير و لا يستطيع العدو و ارتقاء الدرجات اضربيه يا امي لانه ابكاني.. انهم الان يا امي يستمعون بشغف لاغانيك التي تشبه تراتيل الملائكة في السماوات و التي كنتي تغنيها لي و انت تدفعيني على تلك الارجوحة هناك في حديقة بيتنا تحت شجرة الجوز الكبيرة التي بحت لي فيها باحلامك عني و امنياتك و كنا نغني معا تحتها و نرقص احيانا ..
هيا تعالي الي .. و عانقيني الان انا هنا ابنك الحبيب .. انا هنا أمد ذراعي اليك هيا .. تعالي ... ضميني في حنان و قولي لي بهمسك الساحر
كم احبك يا طفلي الكبير .. تعالي .. هيا .. في لحظة خفيه سأخبؤك في صدري .. لن يراك احد .. لن ابوح بسرك لأحد .. لن ترجعي الى ذلك المسمى القبر مرة اخرى .. تلك الحفرة التي ابعدتك عني و جعلتني وحيدا .. لن تعودي الى هناك ابدا سأحملك معي اينما ذهبت .. او سأتي معك لن اتركك تذهبي مرة اخرى .. انا اكلمك يا امي و انا اغرس راحتي البضتين الصغيرتين التي كنتي تقبليهما .. اغرسهما في التراب .. صافحيني .. قبليهما كما كنتي تفعلي .. هيا ضعيهما كوسادة رقيقة تحت خدك و نامي و دعيني انام بجوارك و نحن مبتسمان للحياة الجميلة القادمة ..
اراك في الاحلام كثيرا يا امي في هذه الايام .. لاني اموت من الشوق اليك و الى صدرك الدافئ و هدهداتك الحلوة .. حين اراك في الاحلام يا امي اراك حلوة كما كنتي .. جميلة و رائعة كطفولتي .. امي الحبيبة لقد تركت كل شيء هناك ورائي و لم اعد التفت اليه .. تركت السعة و الراحة ا ما قيمة الحياة بدونك .. لا قيمة لها .. و لا وجود لها نهائيا .. ابكي كثيرا حين استمع الى اغاني فيها رائحة الشوق .. و الحنين لمن يحبون و لا يعرف من حولي أني احبك انت و لا احب سواك ..
امي المرسم الصغير الذي افتحته في البيت اشتاق اليه كثيرا .. اشتاق اليك و انت فيه تعمليني مزج الالوان و صنع الظلال و رسم الابعاد .. لا زلت اذكر كيف كانت ريشتك تخطر على الاوراق البيضاء و القماش لتصنع حياة لا تنتهي .. مضى علي زمن طويل و لم اعانق تلك الفرش و حاملات الالوان و مضت فترة طويلة و لم تتسخ ملابسي بالزيوت و بقع الالوان .. امي الغالية .. سيأتي قريبا عيد الام و سأتي لاحتفل معك كما افعل كل عام .. ساجلب لك هدية جميلة جدا يا امي كم كنت اتمنى ان تكون هديتي لك في عيد ميلادي هذا هي روحي لاختصر بذلك مسافات البعد
|