كلمة "لا" لماذا تقولها الفتيات؟
كلمة "لا" لماذا تقولها الفتيات؟
.. لا أريد.. لست موافقة.. أختلف معكم فيما تقولونه..
كلمات تختلف حروفها وتتفق في المعنى.. الرفض.. التمرد.. ومسائل أخرى تؤرق الأهل.. والمشكلة في نظرهم تتلخص في كلمة واحدة "المراهقة"..
قد يريحنا هذا الافتراض، فعندما نلقي بالتهمة على مرحلة المراهقة، نترك الأمور كما هي ونسلم بالأمر الواقع ونقول داخلنا: لا بأس إنها مرحلة وستمضي.. لكننا إن تمعنّا بالأسباب التي ذكرناها في المقال السابق يتبين لنا أننا نشارك وبجزء كبير في وجود هذه المشكلة..
إذن.. ما الحل؟..
- المعالجة تبدأ بترك التذمر من الجيل الجديد واعتباره على خطأ وضلال دائم وإشاعة روح الحوار والإصغاء داخل الأسرة؛ إذ علينا نحن الآباء معرفة ما تريده بناتنا على أساس الفهم الواقعي والمنطقي لطبيعة العصر الذي نعيشه، وهذا يستلزم فهم متطلبات هذا العصر التي ـ لا شك ـ تختلف عن عصر الآباء، خاصة مع هذا التطور السريع التكنولوجي الذي يحدث في العالم؛ لذا لا بد من البحث عن كيفية التعاطي مع أولادنا واحترام رغباتهم ومساعدتهم ليكونوا ناجحين؛ لأن تغيير أسلوب الأهل في تعاملهم مع بناتهم سيجعلهم يحصلون على محبتهن وسيتمكنون بشكل مباشر أو غير مباشر من نقل الخبرات التي يريدونها لهن؛ لأن فتيات هذا الجيل بحاجة إلى من يسمع لهن بمحبة ويحاورهن بالمنطق، ولكن بأسلوب لطيف يتناسب مع طبيعتهم الرقيقة.
- على الأم التقرب من ابنتها وفهم جيلها حتى تتمكن من إقناعها بلغتها.. بالحب، بالحنان، فالفتاة التي أشبعت حب وعاطفة من قبل أسرتها تكون بعيدة كل البعد عن التمرد.
- يجب زيادة الوعي الأسري والتأكيد على التربية السليمة والصحيحة وبث المثل والقيم الاجتماعية فيهن، ولا بد من تقديم البديل الصالح عند كل نهي.
- يجب أن نتعامل مع الفتاة بطريقة مختلفة، نريدها صانعة قرار وليست تابعة نفرض عليها ما نريده.
- تنمية اتجاهات الفتيات على ضرورة المشاركة في الحياة الاجتماعية العامة والاحتكاك بمشكلات المجتمع، وتعليمها كيفية التعامل معها والمساهمة في معالجتها.
- تربية الفتاة على التفكير الإيجابي لتستطيع مواجهة ما تطرحه وسائل الإعلام وتبثه من أفكار مشوهة ولتكون قادرة على اختيار ما ينفعها وتستجيب لتوجيهات الأهل دون ضغط، فدور الآباء يجب أن يكون رقابي مرن وليس تصديا.
- تنمية العزة بهويتها الإسلامية والثقة بآراء أهلها لتحسن مناقشة صديقاتها إذا ما تعرضت لتحريضهن وانتقادهن للعادات السلوكية الموجودة في عائلتها.
- يجب على الأهل تفهم الفتاة وكيف تفكر وهذا يتطلب (وقفة مع حياتها، أحلامها، أهدافها) فالقضية ليست في أن نحاصر فتياتنا، إنما أن تقترب منهن أكثر للتعرف على أفكارهن ونساعدهن في صياغة أهداف تبني شخصيتهن، وتهيئتهن ليكنّ عضواً فاعلاً في تنمية المجتمع، كأن نستغل وقت الفراغ لديهن بتوجيههن إلى مجالات العمل التطوعي؛ لما فيه من شغل لوقتهن بما هو مفيد واكتساب مهارات جديدة وتنمية حب العطاء دون مقابل مادي لديهن والإحساس بأنهن عضو فاعل ومهم في المجتمع، حيث إن كثيرا من الفتيات يعانين الإحساس بعدم أهميتهن داخل أسرهن، فكيف بالمجتمع؟!
تهيئة مبكرة
قد يكون لبداية البلوغ وقع شديد على معظم الفتيات؛ ولذلك ينصح عادة بتهيئتهن لهذه المرحلة قبل ابتدائها، مما يخفف آثار ذلك، وخاصة الدورة الشهرية ورؤية الدم.
ومن الطبيعي أن تسأل بعض الفتيات مثل هذه الأسئلة، وهي مرحلة مؤقتة تتجاوزها معظم الفتيات دون آثار سلبية مزعجة، ومما يساعد هذه الفتاة، أن تتلقى الدعم والتشجيع من والدتها بأن تشعرها بأنها تفهم مشاعر ابنتها، وتقرها على صعوبة هذه المرحلة التي تمر بها. ويفيد هنا أن تتحدث الأم لابنتها عن تجربتها الخاصة عندما كانت فتاة صغيرة، وكيف كانت بداية دورتها الشهرية، ويمكن لهذه الفترة أن تكون كذلك مناسبة جيدة لتقوية علاقة الأم بابنتها بشكل عام، وإن بناء الثقة بين الأم وابنتها لأمر جوهري حساس في هذه المرحلة.
الأم متسلطة.. والبنت متمردة!
تبقى نظرة الأم إلى ابنتها بأنها طفلة بحاجة دائما إلى الرعاية والعناية والمشورة؛ لذلك تسعى الأم إلى إبداء النصح والنقد على تقوم به الفتاة، فالفتاة بالنسبة للأم ينقصها الكثير لتتعلمه وتدركه، بينما تشعر الفتاة بأنها أصبحت بالغة راشدة لا تحتاج كل هذا النصح فتستاء من إرشادات أمها المتكررة، هنا تشعر الأم بأن ابنتها متمردة وتشعر الفتاة بأن أمها متسلطة..
والفتاة تحتاج إلى شيء من الاستقلال الذاتي، لتكوين شخصيتها واستقلالها؛ لذا على الأمهات ألا يفرضن عليها الحواجز والضوابط بتحركها في الحياة، وألا يعطونها الحرية المطلقة فيخسرنها.
إن علاقة الأم بابنتها خلال هذه الفترة الحرجة لها أكبر الأثر في التكوين النفسي والاجتماعي للفتاة مستقبلاً؛ فالأم الواعية هي التي تحتوي ابنتها وتتخذها صديقة لا نداً لها، وأن تظهر لها احترامها و تشجعها، وتقدر الإيجابيات التي تظهرها ابنتها وإن كانت بسيطة، وتبتعد قدر الإمكان عن تصيد الأخطاء لها.
ومن المهم أن تجعل الأم من التحاور والتواصل والحب والاهتمام المحور الذي تدور عليه العلاقة بينهما، وأن يبنى الحوار على أساس تبادل الأفكار وتبادل الآراء والوصول إلى نقطة التقاء، لا أن يؤدي الحوار إلى إذعان الابنة إلى ما تريده الأم أو رضوخ الأم إلى رغبات الابنة.
لفتة مهمة..
لغة الحوار التي ننشدها بين الأم وابنتها.. يجب أن تبدأ في مرحلة الطفولة، فمن الخطأ الانتظار لفترة المراهقة لبناء علاقة طيبة وحميمة بين الأم وابنتها؛ لأن الأم في هذه المرحلة لن تستطيع أن تبني ما لم تكن قد أسست لهذه العلاقة من قبل منذ الطفولة؛ لذا لابد للأم أن تدرك تماماً أن الابنة تحتاج إلى نوع من أنواع الدعم النفسي والعاطفي الذي يجب أن تشعر به منذ صغرها، وأن يستمر هذا الدعم حتى تمر الابنة وأسرتها في هذه المرحلة بسلام.
__________________
الليل وما ادراك ما الليل
الليل معزوفه يسمعها قلبي وتتراقص عليها ادمعي
الليل اعتبره حبيبي الذي لا يفارقني
فهو الذي يمسح دمعتي
ويهدئ من روعي
|