عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-02-2006, 02:41 PM
الصورة الرمزية الباحث
الباحث الباحث غير متواجد حالياً
ضيف جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 925
المواضيع: 38
عدد الردود: 887
Unhappy الدنمارك مرة أخرى: وماذا بعد؟!

قطوف النار التي تساقطت في سلة ازمة الرسوم الدنماركية المسيئة لشخص الرسول الكريم، الى هذه اللحظة:

مظاهرات وحرق مبان وعشرات القتلى والجرحى في ليبيا، ووزير مقال. وفي ايطاليا وزير آخر ايضا مقال.

وفي افغانستان قتلى ومصادمات، وفي نيجيريا اشتباكات بين مسلميها ومسيحييها، وفي باكستان مظاهرات عنيفة وبوادر مقلقة عن صدام بين الجماعة الاسلامية بقيادة قاضي حسين احمد، والحكومة بسبب سخونة الشعارات وتحول المظاهرات الى سجال بين حكومة مشرف والمعارضة الاسلامية... وفي الهند ذكرت وسائل الاعلام الهندية أن (قرشي) وهو وزير مسلم في ولاية (اوتار براديش) شمال الهند عرض مكافأة تبلغ (11.5 مليون دولار) لمن يقتل احد رسامي الرسوم المسيئة، لكن مجلس الشريعة الذي يضم علماء دين مسلمين من الهنود قال إن تصرف قرشي هذا «مخالف للاسلام».

وفي مصر.. وفي البحرين.. وفي ايران.. المظاهرات ولا ندري الى اين تنتهي...

تقريبا، المسلمون، غاضبون في كل مكان... ومع التأكيد القاطع على ادراكنا لحجم الاساءة البالغة التي تسببت بها الصحيفة الدنماركية لمشاعر أمتنا الاسلامية، الا ان هناك عددا من علامات الاستفهام، أهمها: ما هو سقف الحملة الذي اذا تم الوصول اليه، تنتهي هذه الاحتجاجات؟ المعروف أنه لا بد لكل حركة من غاية، والا اصبحت صراعا بلا طائل، فهل هناك مطالب محددة جدا، وقابلة للتطبيق، بحيث اذا تمت يقال الآن نشعر بالانصاف؟!

هل المطلوب الاعتذار من قبل الحكومة الدنماركية، ومن الجريدة الدنماركية؟ اذا كان الامر كذلك فماذا عن الاعتذار المتكرر الذي صدر من جهات دنماركية، وآخرها الصحيفة نفسها التي نشرت فيها الرسومات، ونشر اعتذارها باللغة العربية، وكررت فيه جمل الاعتذار اكثر من مرة، ونشر على صفحة كاملة في جريدة «الشرق الاوسط» وغيرها...؟

البعض يقول انه يجب اصدار تشريعات تحظر المساس بالرمز الديني الاكبر للمسلمين وهو الرسول الكريم، لكن هذه مهمة صاغة القوانين، وليس مسيري المظاهرات. والامر يحتاج الى نقاش خبراء، وجدال ساسة.

ولكن، ورغم الاعتذارات الدنماركية، التي يراها البعض كافية، مثل الشيخين السعوديين عبد المحسن العبيكان والقاضي والمستشار الشرعي عبد العزيز القاسم، في حين يراها البعض الآخر غير كافية ولا دقيقة، وتحول هؤلاء الى خبراء في اللغات الاوروبية، وفرقوا بين الاسف والاعتذار، وتحول آخرون الى خبراء قانون، فقالوا هل الاعتذار يسقط الجرم أم لا...؟

الحق انني اشعر، بأن هناك من يحرص على بقاء الازمة وتناميها اكثر من حرصه على اضمحلالها، ورأينا من يحول الازمة الى سياقات اخرى محلية، بحيث تم «توطين» الازمة الدنماركية في كل مكان بما يناسبه، ففي نيجيريا توطنت الازمة عبر تجديد الاشتباك الديني بين النيجيريين، الامر الذي أدى الى حرق كنائس محلية، ومقتل كاهن، ووصل عدد القتلى الى24، وفي باكستان بين حكومة مشرف المغضوب عليها من قبل الجماعات الاسلامية وبين الاسلاميين، وفي سورية تحولت الازمة الى ورقة للاستخدام ضمن سياق خاص.

وأمثلة اخرى كثيرة، غير أننا لا نريد ان نكرر الكلام، الذي اشرنا اليه في مقال سابق، احتراما للقراء الكرام، ولذلك نوجز بكلمة واحدة: هناك «مزاد» كبير يقام في مهرجان هذه الازمة من اغلب الاطراف...

ولا بد ان يطرح سؤال كبير يغمر الافق: هل المصلحة، مصلحة المسلمين، لأني أعرف وجود متعصبين آخرين في الغرب والشرق يفرحون بالتصعيد الاسلامي لأسبابهم الخاصة! لكن عن المسلمين اسأل: فهل مصلحتهم في هذه الأزمة تكمن في تقليل فرص الحل، وقطع الطريق على كل مسعى للخروج من الازمة؟ هل هناك من يريد ايصال الامور الى لحظة الصدام الديني؟! يبدو الامر كذلك، خصوصا ان هناك خطابات وسياسات، وتيارات لا تستطيع البقاء دون اجواء التوتر الديني والثقافي، فهي شرط حياتها، وحاضنة وجودها، تماما مثل الماء للسمك، فهي، من هذا المنظور، كاسبة وليست خاسرة.

احد النابهين قال لي: «وماذا بعد؟! أليس من الاجدى لنا كمسلمين، ان نقف عند حدود القوة التي نملكها، فنحن كنا في بداية الازمة في موقع القوة الاخلاقية، ولكن وبعد التصعيد الذي يبدو بلا سقف، صرنا كمن يضيع بيسراه ما أخذه بيمينه»، ويتابع: «اخطر شيء ان تتجاوز حدود القوة، هنا تنكمش قوتك لتصبح قوة ضدك».

اعتقد اننا بحاجة الى تنبيه وجرس انذار عال من هذا النوع، ونتذكر قول المحذر الاول:

ارى خلل الرماد وميض نار ... ويوشك ان يكون له ضرام

فإن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث وهام!

وانا اقول، اما الجثث فقد سقطت في تضاعيف هذه المظاهرات، ونسأل الله الستر في الباقي!

اخطر شيء ادارة الجمهور عبر تسخين المشاعر الدينية، والعمل على ادامتها، وتوجيه الشارع باثارة الغبار، وحجب ما لا يتناسب مع غايات المهيجين، كما حصل في اهمال وحجب اعتذار الصحيفة الدنماركية، حسب شكوى مسؤول في احدى الشركات الدنماركية بالسعودية لـ«الشرق الأوسط»، والذي يقول ان السبب في قيام الشركات بدفع قيمة الاعلان الاعتذاري الذي قامت به صحيفة يولاند بوستن هو تجاهل الكثير من الصحف العربية نشر الاعتذار الذي اصدرته الصحيفة الدنماركية بالعربية في الثاني من فبراير الجاري، اي قبل اكثر من اسبوعين من الآن!

ما من شك ان اساءة الصحيفة للاسلام بهذه الطريقة غير مقبولة، ونشر هذه الرسوم فيه قدر كبير من فقدان الاحساس بالمسؤولية، هذا لاريب فيه، ولكن أليس الواجب أيضا ان نوجه اللوم الى ما يجري الآن من تصعيد وتخريب في المجتمعات الاسلامية؟! بحجة الغضب من الرسوم الدنماركية، خصوصا ان رموزا دينية ومشايخ يقولون بأن الاحراق والعنف محرمان شرعا، والبعض منهم لا يرتاح لهذا النمط من الاحتجاجات التي لا تخلو من نكهة استغلال سياسي وانتهازية فجة، بل ان بعض الفقهاء والمشايخ مثل الفقيه السعودي عبد المحسن العبيكان يرى ان استمرار الحملة على الدنمارك بهذه الطريقة مضر بالمسلمين.

هناك تناول غير طبيعي للازمة، يتجاوز حتى ما جرى في التاريخ الاسلامي، ومن قبل اجيال الاسلام الاولى.

وهنا احب ان اضرب هذا المثال، واسوق هذا الخبر:

روى المحدث الحاكم النيسابوري في مستدركه عن هشام بن العاص قال: بعثت انا ورجل الى هرقل صاحب الروم ندعوه للاسلام، (في زمن خلافة ابي بكر الصديق)، وذكر قصة طويلة ملخصها انهم دخلوا على ملك الروم ومجلسه وبطارقته، وقال عن الملك هرقل: «أََمر لَنا بمنزل حسن، ونزل كثير، فأقمنا ثلاثا، فأرسل الينا ليلا فدخلنا عليه فاستعاد قولنا فأعدناه، ثم دعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار، عليها ابواب، ففتح بيتا وقفلا، فاستخرج حريرة سوداء، فنشرناها فإذا فيها صورة حمراء، واذا فيها رجل ضخم العينين عظيم الاليتين، لم ار مثل طول عنقه، وإذا ليست له لحية، وإذا له ظفيرتان احسن ما خلق الله، فقال أتعرفون هذا؟ قلنا لا، قال: هذا ادم عليه السلام، ثم فتح بابا اخر فاستخرج منه حريرة سوداء، واذا فيها صورة بيضاء، واذا له شعر كشعر القطط، احمر العينين، ضخم الهامة، حسن اللحية، فقال هل تعرفون هذا؟ قلنا لا، قال هذا نوح عليه السلام».

وهكذا مضى في وصف مثير لصور الانبياء واحدا واحدا ، بناء على صورهم في المناديل الحريرية، قال هشام: «ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، وإذا شاب شديد سواد اللحية، كثير الشعر حسن العينين حسن الوجه، فقال هل تعرفون هذا؟ قلنا لا، قال هذا عيسى بن مريم عليه السلام، قلنا من اين لك هذه الصور، لأنا نعلم انها على ما صورت عليه الانبياء عليهم السلام، لأنا رأينا صورة نبينا عليه السلام مثله»، يقول هشام: «فلما أتينا ابا بكر الصديق رضي الله عنه فحدثناه بما أرانا وبما قال لنا وما أجازنا، بكى ابو بكر». يقول المفسر ابن كثير الدمشقي بعد ذكره لهذا الاثر العظيم: «اسناده لا بأس به».

ثم اورد اثرا اخر رواه الطبراني عن الصحابي جبير بن مطعم انه قال: خرجت تاجرا الى الشام، قال فلما كنت بأدنى الشام لقيني رجل من اهل الكتاب، فقال هل عندكم رجل نبي، قلت نعم، قال هل تعرف صورته اذا رأيتها، قلت نعم، فأدخلني بيتا فيه صور، فلم ار صورة النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا انا كذلك، اذ دخل رجل منهم علينا، فقال فيم انتم، فأخبرناه، فذهب بنا، الى منزله، فساعة ما دخلت نظرت الى صورة النبي صلى الله عليه وسلم».

ماذا لو ان هذه الصور والرسومات وجدت في عصرنا؟! هل ستسيل شوارع بيشاور، حنقا، ونيجيريا نارا؟!

اعرف ان الشكل السخيف الذي خرجت به الصور والرسوم الدنماركية التي تحمل طابعا ساخرا، هو منبع النقمة الاسلامية، ولكن اردت القول، ان هناك خروجا عن المألوف في تناول هذه المسألة... وما نريد قوله، هو أن الرسوم الدنماركية المستهزئة مرفوضة، ولكن ردود الفعل والطريقة التي تدار بها الازمة، هي ايضا مسيئة للاسلام، وما نريده هو قليل من الحكمة والتروي ووضع الامور في نصابها... قليل من ذلك هو ما نطلبه، فهل ترانا أخطأنا الطريق مرة أخرى. [email protected]




منقووووووووولة من جريدة الشرق الاوسط
__________________
الحـــــــــــــــــياة
مليئـــــــة بالحجــــــــــارة
فلا تتعـــــثر بهـــــــا بــل اجمعـــــها
وابــــن بهــــا سلمــــا تصـــــعد بـــه نحــــو النجـــاح

أخر مواضيعي

جدة إنها حقاً عائلة محترمةقرية أبو القزازمقدمة في انساب قبيلة آل كثير
بحث رائع: الملتقياتُ العائليةُ:...غزة تحترق ونحن نتفرج - د. يحي القزازمواقع الأسر العربية على الإنترنت
إتفاقية تسليم جدةصناعة الزجاج يعود تاريخها الى (7) الاف...بعض قبائل قريش المتواجده حاليا
الديك باشابرحة «القزاز» في الطائفصور قديمه جدآ لمكه المكرمه شرفها الله
القزاز في العراقمصانع في مكة المكرمةحكم قضائي عراقي لصالح «قزاز» السعودية
رد مع اقتباس