نونية ابن القيم في وصف الجنه الجزء الثاني
فصل
في انهار الجنة
أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاءوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ***ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان
فصل
في طعام أهل الجنة
وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم*** ولحوم طير ناعم وسمان
وفواكه شتى بحسب مناهم*** يا شبعة كملت لذي الايمان
لحم وخمر والنسا وفواكه*** والطيب مع روح ومع ريحان
وصحافهم ذهب تطوف عليهم*** بأكف خدام من الولدان
وانظر الى جعل اللذاذة للعيو***ن وشهوة للنفس في القرآن
للعين منها لذة تدعو الى*** شهواتها بالنفس والأمران
سبب التناول وهو يوجب لذة*** أخرى سوى ما نالت العينان
فصل في شرابهم
يسقون فيها من رحيق ختمه*** بالمسك أوله كمثله الثاني
مع خمرة لذت لشاربها بلا*** غول ولا داء ولا نقصان
والخمر في الدنيا فهذا وصفها*** تغتال عقل الشارب السكران
وبها من الأدواء ما هي أهله*** ويخاف من عدم لذي الوجدان
فنفى لنا الرحمن أجمعها عن الـ***ـخمر التي في جنة الحيوان
وشرابهم من سلسبيل مزجه الـ***ـكافور ذاك شراب ذي الاحسان
هذا شرب أولي اليمين ولكن الـ***أبرار شربهم المقرب خيرة الرحمن
صفى المقرب سعيه فصفا له*** ذاك الشراب فتلك تصفيتان
لكن أصحاب اليمين فأهل مز***ج بالمباح وليس بالعصيان
مزج الشراب لهم كما مزجوا*** هم الأعمال ذاك المزج بالميزان
هذا وذو التخليط مزجا أمره*** والحكم فيه لربه الديان
فصل
في مصرف طعامهم وشرابهم وهضمه
هذا وتصريف المآكل منهم*** عرق يفيض لهم من الأبدان
كروائح المسك الذي ما فيه خلـ***ـط غيره من سائر الألوان
فتعود هانيك البطون ضوامرا*** تبغي الطعام على مدى الأزمان
لا غائط فيها ولا بول ولا*** مخط ولا بصق من الانسان
ولهم جشاء ريحه مسك يكو***ن به تمام الهم بالاحسان
هذا وهذا صح عنه فواحد*** في مسلم ولأحمد الأثران
فصل
في لباس أهل الجنة
وهم الملوك على الأسرة فوق ها***تيك الرؤوس مرصع التيجان
ولباسهم من سندس خضر ومن*** استبرق نوعان معروفان
ما ذلك من دود بنى من فوقه*** تلك البيوت وعاد ذا الطيران
كلا ولا نسجت على المنوال نسـ***ـج ثيابنا بالقطن والكتان
لكنها حلل تشق ثمارها*** عنها رأيت شقائق النعمان
بيض وخضر ثم صفر ثم حمـ***ـر كالرباط بأحسن الألوان
لا تقرب الدنس المقرب للبلى*** ما للبلى فيهن من سلطان
ونصيف احداهن وهو خمارها*** ليست له الدنيا من الأثمان
سبعون من حلل عليها لا تعو***ق الطرق عن مخ ورا الساقان
لكن يراه من ورا ذا كله*** مثل الشراب لذي زجاج أوان
فصل
في فرشهم وما يتبعها
والفرش من استبرق قد بطنت*** ما ظنكم بظهارة لبطان
مرفوعة فوق الأسرة يتكئ*** هو والحبيب بخلوة وأمان
يتحدثان عن الأرائك ما ترى***حبين في الخلوات ينتجيان
هذا وكم زريبة ونمارق*** ووسائد صفت بلا حسبان
فصل
في حلى أهل الجنة
والحلى أصفى لؤلؤ وزبرجد*** وكذاك أسورة من العقيان
ما ذاك يختص الاناث وانما*** هو للاناث كذاك للذكران
التاركين لباسه في هذه الد***نيا لأجل لباسه بجنان
أو ما سمعت بأن حليتهم الى*** حيث انتهاء وضوئهم بوزان
وكذا وضوء أبي هريرة كان قد*** فازت به العضدان والساقان
وسواه أنكر ذا عليه قائلا*** ما الساق موضع حلية الانسان
ما ذاك الا موضع الكعبين والز***ـدين لا الساقان والعضدان
وكذاك أهل الفقه مختلفون في*** هذا وفيه عندكم قولان
والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا*** للمرفقين كذلك الكعبان
هذا الذي قد حده الرحمن في الـ***ـقرآن لا تعدل عن القرآن
واحفظ حدود الرب لا تتعدها*** وكذاك لا تجنح الى النقصان
وانظر الى فعل الرسول تجده قد***أبدى المراد وجاء بالتبيان
ومن استطاع يطيل غرته فمو***قوف على الراوي هو الفوقاني
فأبو هريرة قال ذا من كيسه*** فغدا يميزه أولو العرفان
ونعيم الراوي له قد شك في*** رفع الحديث كذا روى الشيباني
وإطالة الغرات ليس ببمكن*** أبدا وذا في غاية التبيان
فصل
في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن
يا من يطوف بكعبة الحسن التي*** خفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا*** ومحسّر مسعاه لا العلمان
ويروم قربان الوصال على منى*** والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو***ضع حله منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا من حبه*** متجردا يبغي شفيع قران
فيظل بالجمرات يرمي قلبه*** هذي مناسكه بكل زمان
والناس قد قضوا مناسكهم وقد*** حثوا ركائبهم الى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم*** نحو المنازل أول الأزمان
زفعت لهم في السير أعلام الوصا***ل فشمّروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بعد خياما نشرفا***ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا*** فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغى سوى**** محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه*** والطرف في ذا الوجه للنسوان
أو أنها قصرت عليه طرفه*** من حسنها فالطرف للذكران
والأول المعهود من وضع الخطا***ب فلا تحدن عن ظاهر القرآن
ولربما دلت اشارته على الثـ***ـاني فتلك اشارة لمعان
هذا وليس القاصرات كمن غدت*** مقصورة فهما اذا صنفان
يا مطلق الطرف المعذب في الألى*** جردن عن حسن وعن احسان
لا تسبينّك صورة من تحتها*** الداء الدوي تبوء بالخسران
قبحت خلائقها وقبح فعلها*** شيطانه في صورة الانسان
تنقاد للأنذال والأرذال هم*** أكفاؤها من دون ذي الاحسان
ما ثم من دين ولا عقل ولا*** خلق ولا خوف من الرحمن
وجمالها زور ومصنوع فان*** تركته لم تطمح لها العينان
طبعت على ترك الحفاظ فما لها*** بوفاء حق البعل قط يدان
ان قصر الساعي عليها ساعة *** قالت وهل أوليت من احسان
أو رام تقويما لها استعصت ولم*** تقبل سوى التعويج والنقصان
أفكارها في المكر والكيد الذي*** قد حار فيه فكرة الانسان
فجمالها قشر رقيق تحته*** ما شئت من عيب ومن نقصان
نقد رديء فوقه من فضة*** شيء يظن به من الأثمان
فالناقدون يرون ماذا تحته*** والناس أكثرهم من العميان
أما جميلات الوجوه فخائنا***ت بعولهن وهن للأخدان
والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان
فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان
وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان
إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر الى ذا الآن
فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان
ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن*** لك نسبة للعلم والايمان
والله لم تخرج الى الدنيا للذ***ة عيشها أو للحطام الفاني
لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ***أخرى فجئت بأقبح الخسران
أهملت جمع الزاد حتى فات بل*** فات الذي ألهاك عن ذا الشان
والله لو أنّ القلوب سليمة*** لتقطعت أسفا من الحرمان
لكنها سكرى بحب حياتها الد***نيا وسوف نفيق بعد زمان
فصل
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ***ـتر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا*** ومحاسنا من أجمل النسوان
حتى يحار الطرف في الحسن الذي*** قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها*** سبحان معطي الحسن والاحسان
والطرف يشري من كؤوس جمالها*** فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها** والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من*** ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه***سبحان متقن صنعة الانسان
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ***ـد مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل*** يتصاحبان كلاهما اخوان
وكلاهما مرآة صاحبه اذا*** ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجها*** وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ*** سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها*** فيضيء سقف القفصر بالجدران
ولقد روينا أن برقا ساطعا*** يبدو فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك*** في الجنة العليا كما تريان
لله لاثم ذلك الثغر الذي*** في لثمه إدراك كل أمان
ريانة الأعطاف من ماء الشبا***ب فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها*** حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في*** غصن تعالى غارس البستان
والقد منها كالقضيب اللدن في*** حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه*** عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقها وليس ثديها*** بلواحق للبطن أو بدوان
لكنهن كواعب ونواهد*** فثديهن كألطف الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بيا***ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحليّ بعاده فله مدى الـ***أيام وسواس من الهجران
والمعصمان فان تشأ شبههما*** بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس*** أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها*** حفت به خصران ذا أثمان
وعليه أحسن سرة هي مجمع الـ***ـخصرين قد غارت من الأعكان
حق من العاج استدار وحوله*** حبات مسك جل ذو الاتقان
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا*** ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا*** شيء من الآفات في النسوان
فخذان قد جفا به حرسا له*** فجنابه في عزة وصيان
قاما بخدمته هو السلطان بيـ***ـنهما وحق طاعة السلطان
وهو المطاع أميره لا ينثني*** عنه ولا هو عنده بجبان
وجماعها فهو الشفا لصبها*** فالصبّ منه ليس بالضجران
وإذا يجامعها تعود كما أتت*** بكرا بغير دم ولا نقصان
فهو الشهي وعضوه لا ينثني*** جاء الحديث بذا بلا نكران
ولقد رأينا أن شغلهم الذي*** قد جاء في يس دون بيان
شغل العروس بعرسه من بعدما*** عبثت به الأشواق طول زمان
بالله لا تسأله عن أشغاله*** تلك اليالي شأنه ذو شان
واضرب لهم مثلا بصب غاب عن*** محبوبه في شاسع البلدان
والشوق يزعجه اليه وما له***بلقائه سبب من الامكان
وافى اليه بعد طول مغيبه*** عنه وصار الوصل ذا امكان
أتلومه ان صار ذا شغل به*** لا والذي أعطى بلا حسبان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا*** يا رب معذرة من الطغيان
فصل
أقدامها من فضة قد ركبت*** من فوقها ساقان ملتفان
والساق مثل العاج ملموم يرى*** مخ العظام وراءه بعيان
والريح مسك الجسوم نواعم*** واللون كالياقوت والمرجان
وكلاهما يسبي العقول بنغمة*** زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدرها*** ونحبب للزوج كل أوان
وهي التي عند الجماع تزيد في*** حركاتها للعين والأذنان
لطفا وحسن تبعل وتغنج*** وتحبب تفسير ذي العرفان
تلك الحلاوة والملاحة أوجبا*** اطلاق هذا اللفظ وضع لسان
فملاحة التصوير قبل غناجها*** هي أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لصب وامق*** بلغت به اللذات كل مكان
فصل
أتراب سن واحد متماثل*** سن الشباب لأجمل الشبان
بكر فلم يأخذ بكارتها سوى الـ***ـمحبوب من انس ولا من جان
حصن عليه حارس من أعظن الـ***ـحرّاس بأسا شأنه ذو شان
فاذا أحسّ بداخل للحصن ولـ***ـى هاربا فتراه ذا امعان
ويعود وهنا حين رب الحصن يخـ***ـرج منه فهو كذا مدى الأزمان
وكذا رواه أبو هريرة أنها*** تنصاغ بكرا للجماع الثاني
لكن دراجا أبا السمح الذي*** فيه يضعفه أولو الاتقان
هذا وبعضهم يصحح عنه في التـ***ـفسير كالمولود من حبان
فحديثه دون الصحيح وأنه*** فوق الضعيف وليس ذا اتقان
يعطي المجامع قوة المائة التي أجـ***ـتمعت لأقوى واحد الانسان
لا أن قوته تضاعف هكذا*** اذ قد يكون لأضعف الأركان
ويكون أقوى منه ذا نقص من الـ***إيمان والأعمال والاحسان
ولقد روينا أنه يغشى بيو***م واحد مائة من النسوان
ورجاله شرط الصحيح رووا لهم*** فيه وذا في معجم الطبراني
هذا ودليل أن قدر نسائهم*** متفاوت بتفاوت الايمان
وبه يزول توهم الأشكال عن*** تلك النصوص بمنة الرحمن
وبقوة المائة التي حصلت له*** أفضى الى مائة لا خوران
وأعفهم في هذه الدنيا هو الـ***أقوى هناك لزهده الفاني
فاجمع قواك لما هناك وغمض الـ***ـعينين واصبر ساعة لزمان
ما ههنا والله ما يسوى قلا*** مة ظفر واحدة ترى بجنان
ما ههنا الا النقار وسيّيء الـ***أخلاق مع عيب ومع نقصان
هم وغم دائم لا ينتهي*** حق الطلاق أو الفراق الثاني
والله قد جعل النساء عوانيا*** شرعا فأضحى البعل وهو العاني
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فان*** تفعل رجعت بذلة وهوان
فصل
وإذا بدت في حلة من لبسها*** وتمايلت كتمايل النشوان
تهتز كالغصن الرطيب وحمله*** ورد وتفاح على رمان
وتبخرت في مشيها ويحق ذا***ك لمثلها في جنة الحيوان
ووصائف من خلفها وأمامها*** وعلى شمائلها وعن أيمان
كالبدر ليلة تتمة قد حف في*** غسق الدجى بكواكب الميزان
فلسانه وفؤاده والطرف في*** دهش وإعجاب وفي سبحان
فالقبل قبل زفافها في عرسه*** والعرس من أثر العرس متصلان
حتى إذا ما واجهته تقابلا*** أرايت إذ يتقابل القمران
فسل المتيم هل يحل الصبر عن*** ضم وتقبيل وعن فلتان
وسل المتيم ابن خلف صبره*** في أي واد أم بأي مكان
وسل المتيم كيف حالته وقد*** ملئت له الأذنان والعينان
من منطق رقت حواشيه ووجـ***ـه كم به للشمس من جريان
وسل المتيم كيف عيشته إذا*** وهما على فرشيهما خلوان
يتساقطان لآلءا منثورة*** من بين منظوم كنظم جمان
وسل المتيم كيف مجلسه مع الـ***ـمحبوب في روح وفي ريحان
وتدور كاسات الرحيق عليهما*** بأكف أقمار من الولدان
يتنازعان الكأس هذا مرة*** والخود أخرى ثم يتكئان
فيضمها وتضمه*** أرأيت معـ***ـشوقين بعد البعد يلتقيان
غاب الرقيب وغاب كل منكد***وهما بثوب الوصل مشتملان
أتراهما ضجرين من ذا العيش لا*** وحياة ربك ما هما ضجران
ويزيد كل منهما حبا لصا***حبه جديدا سائر الأزمان
ووصاله يكسوه حبا بعده*** متسلسلا لا ينتهي بزمان
فالوصل محفوف بحب سابق*** وبلاحق وكلاهما صنوان
فرق لطيف بين ذاك وبين ذا*** يدريه ذو شغل بهذا الشان
ومزيدهم في كل وقت حاصل*** سبحان ذي الملكوت والسلطان
يا غافلا عما خلقت له انتبه*** جد الرحيل فلست باليقظان
سار الرفاق وخلفوك مع الألي*** قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني
ورأيت أكثر من ترى متخلفا*** فتبعتهم ورضيت بالحرمان
لكن أتيت بخطتي وعجز وجهـ***ـل بعد ذا وصحبت كل امان
منتك نفسك باللحاق مع القعو***د عن المسير وراحة الأبدان
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا*** ماذا صنعت وكنت ذا امكان
فصل
في ذكر الخلاف بين الناس هل تحبل نساء أهل الجنة أم لا
والناس بينهم خلاف هل بها*** خبل وفي هذا لهم قولان
فنفاه طاوس وابراهيم ثم*** مجاهد هم أولو العرفان
وروى العقيلي الصدوق أبو رزيـ***ـن من صاحب المبعوث بالقرآن
أن لا توالد في الجنان رواه تعـ***ـليقا محمد عظيم الشان
وحكاه عنه الترمذي وقال اسـ***ـحاق بن ابراهيم ذو الاتقان
لا يشتهي ولدا بها ولو اشتها***ه لكان ذك محقق الامكان
وروى هشام لابنه عن عامر*** عن ناجي عن سعد بن سنان
ان المنعم بالجنان إذا اشتهى الـ***ـولد الذي هو نسخة الانسان
فالحمل ثم الوضع ثم السن في*** فرد من الساعات في الأزمان
اسناده عندي صحيح قد روا***ه الرمذي وأحمد الشيباني
ورجال ذا الاسناد محتج بهم*** في مسلم وهم أولو اتقان
لكن غريب ما له من شاهد***فرد بذا الاسناد ليس بثان
لولا حديث أبي رزين كان ذا*** كلنص يقرب منه في التبيان
ولذاك أوله ابن ابراهيم بالـ***ـشرط الذي هو منتفى الوجدان
وبذاك رام الجمع بين حديثه*** وأبي رزين وهو ذو امكان
هذا وفي تأويله نظر فـ***ـان اذا لتحقيق وذي اتقان
ولربما جاءت لغير تحقق*** والعكس في أن ذاك وضع لسان
واحتج من نصر الولادة أن في الجـ***ـنات سائر شهوة الانسان
والله قد جعل البنين مع النسا*** من أعظم الشهوات في القرآن
فأجيب عنه بأنه لا يشتهي*** ولدا ولا حبلا من النسوان
واحتج من منع الولادة أنها*** ملزومة أمرين ممتنعان
حيض وإنزال المنى وذانك الـ***أمران في الجنات مفقودان
وروى صدى عن رسول الله*** أن منيّهم إذ ذاك ذو فقدان
بل لا منيﹼ ولا منية هكذا*** يروي سليمان هو الطبراني
وأجيب عنه بأنه نوع سوى الـ***ـمعهود في الدنيا من النسوان
فالنفي للمعهود في الدنيا من الـ***إيلاد والاثبات نوع ثان
والله خالق نوعنا من أربع*** متقابلات كلها بوزان
ذكر وأنثى والذي هو ضده*** وكذاك من أنثى بلا نكران
والعكس أيضا مثل حوا أمنا*** هي أربع معلومة التبيان
وكذاك مولود لجنان يجوز أن*** يأتي بلا حيض ولا فيضان
والأمر في ذا ممكن في نفسه*** والقطع ممتنع بلا برهان
__________________
الليل وما ادراك ما الليل
الليل معزوفه يسمعها قلبي وتتراقص عليها ادمعي
الليل اعتبره حبيبي الذي لا يفارقني
فهو الذي يمسح دمعتي
ويهدئ من روعي
|