عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-02-2008, 02:26 AM
الصورة الرمزية ولد البلد
ولد البلد ولد البلد غير متواجد حالياً
ضيف جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 53
المواضيع: 17
عدد الردود: 36
افتراضي صور من الإهمال الأسري

مما لاشك فيه أن دور الأسرة في المجتمع دور أزلي لا أحد ينكره، ولكن عندما يتخلى أحد الطرفين الرئيسين أو كلاهما عن مسؤوليتهما ودورهما تجاه الأبناء تقع الكثير من المشكلات، فلماذا يضحي أهم الأطراف في إيجاد علاقة أسرية صحيحة وقوية ويتهاون بواجباته أدنى سبب يذكر مع أنه في هذا الأمر لا قبول للمبررات فـ"كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته"
وعندما يصبح انعدام الإحساس بالمسؤولية واللامبالاة ظاهرة تطفو على السطح فهذا مؤشر خطير ينذر بنتائج سيئة ويؤثر في نفسية وتربية الأبناء حاضرا ومستقبلا.
وحول إحدى صور الإهمال الأسري، أستشهد بقصة ذكرتها لي معلمة رياض أطفال.. تقول إن أحد الطلاب لديها تعاني معه كثيرا؛ فالطفل مهمل من قبل أهله وبالتحديد والدته، فلا ينظر في دروسه ولا واجباته اليومية، وحالات دفاتره وكراساته يرثى لها (ويبدو أن لا أحد يشاركه من والديه في أداء واجباته ولا حتى الحديث معه ليشعره ببعض الاهتمام) وبالطبع إن الطفل يرى غيره من زملائه في الفصل مهتما بهم، ويلاحظ ذلك من خلال أدائهم واجباتهم بمتابعة الأهل وحفاظهم على نظافة وترتيب كتبهم المدرسية وأيضا زملائه تنالهم كلمات الرضا والاستحسان من المعلمة؛ مما يحز في نفس هذا الطفل، وبالتالي تولد لديه ردة فعل تمثلت في غيره وعدوانية تجاه زملائه، فعندما يرى أحدهم يكتب يقوم بتمزيق أو تشويه كتابه كما يتطاول عليهم بالضرب أحيانا! ترى من المسؤول عن هذا؟!
وفي هذه الحالة الإجراء الطبيعي والمتعارف عليه أن تتصل المعلمة بأسرة الطفل لتناقش معهم الموضوع وهو ما حدث، ولكن الحاصل يجيب أحد أفراد الأسرة وتطلب المعلمة الأم، وللأسف يسمع صوت الأم من بعيد "قولوا مشغولة، غير موجودة، أي شيء" وتكرر المعلمة الاتصال في أيام أخرى ليأتي نفس الرد أيضا، هل يعتبر هذا تكهنا أو علما مسبقا بتقصيرها ومعرفة نتائج هذا التقصير وإصرارا منها على الاستمرار فيه، أم تخليا بطريق مباشر عن مسؤوليتها ناميا عن جهل أو غيره، ليصبح الطفل شكلا بلا مضمون.. وإصدارنا لهذا الحكم لم يأت من فراغ، فالطفل من الناحية الشكلية يلقى اهتماما وعناية واضحة وبعد السؤال والتحري اتضح أن مصدر هذا الاهتمام هي العاملة المنزلية "الخادمة" التي أدت واجبها بالكامل وبقي المضمون.
إذن: فما فائدة الأم؟ ولا أشك أن الشغالة لو كان بمقدورها فهم اللغة والمناهج لتواصلت مع الأبناء والمدرسة باهتمام ربما يدفعها إلى ذلك إنسانيتها بغض النظر عن أي أمر آخر، فهل ينقصنا استقدام عاملات منزلية بمهارات خاصة مثل الإلمام بلغتنا ومناهجنا خاصة رياض الأطفال وامتلاك كم هائل من العطف والحب والاهتمام ليصرفنه على أبنائنا في زمن شحت فيه عواطفنا وعجزنا فيه عن أن نتحمل مسؤولياتنا حتى يصبح هناك خادمات بدرجة أمهات؟!
ولا ننسى أن الأم هي التي تربي وليست التي تلد فقط. وللمعلومية حالة هذا الطفل ليست فريدة من نوعها، بل هي نموذج أو صورة من صور الإهمال الأسري والذي مهما اختلفت طرقه وتنوعت تؤدي إلى نتائج واحدة تضر بالفرد نفسه وأسرته والمجتمع بأكمله، فمتى نعي ذلك؟! لا نريد أجيالا فارغة العقول والمحتوى ضائعة الهوية مع كل تيار تميل وتتخبط هنا وهناك، لا تعرف الصواب من الخطأ. هذه هي النتيجة الحتمية لكل تربيه خاطئة ومبادئ مزدوجة.
همسة في أذن كل صاحب مسؤولية في أذن كل أب وأم: أتمنى من كل قلبي أن تكون اليوم هناك وقفة أمام أنفسكم وضمائركم بكل صدق وشفافية وأن تنظروا إلى الوراء قليلا لتروا هل كنتم مقصرين في حق أبنائكم ثم انظروا إلى الأمام إلى المستقبل وقرروا أما زلتم تريدون الاستمرار في التقصير؟!
ولتذكروا أن قدر العطاء مهما كان نوعه سوف يعود عليكم بالنهاية.
__________________
بأقول والعالم تقيم قولي
ومن كثرة الكتاب ما اهابه
الحمد لله واثق من روحي
وإن كنت ذيب فالرجال ذيابة
ما أقول انا احسن كاتب في الدنيا
لكن قلمي كفو وأنا أدرابه

أخر مواضيعي

رد مع اقتباس