ندوة «عكاظ» تؤكد أهمية وجود أرضية مشتركة للتواصل بين الشعوب (2)
«الحوار الأعزل» ضعيف.. والبحث عن «أولي بقية» من الغربيين ضرورة
أدار الندوة : طالب بن محفوظ
* الحوار أصيل في ثقافتنا وتطبيقاته في القرآن والسنة عديدة.. كيف يمكن أن نجعل من الحوار استجابة لأمر قرآني واقتفاء لهدي نبوي؟
إذا كان الحوار وسيلة فاعلة في معالجة المشكلات الكبرى التي تعاني منها البشرية وهدفاً لتحقيق القيم الإنسانية المشتركة المشتملة على التسامح والتعايش والعدل والأمن والسلام البشري، فإنه أيضاً من الوسائل التي تعين على عرض مبادئ الإسلام على الآخرين، ودحض الافتراءات عن الإسلام وإزالة الشبهات عنها وتصحيح التصورات والمفاهيم الخاطئة.ندوة «عكاظ» «الحوار.. ثقافة تسامح ودعوة للتواصل» في جزئها الثاني تؤكد على هذه المفاهيم الإنسانية لنتائج الحوار من خلال رؤية ضيوفها المشاركين الذين أوضحوا في الجزء الأول من هذه الندوة على أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ أصّل لهذه القيم من الجانبين الإسلامي والإنساني من خلال مبادرته ودعوته للحوار للبدء في مرحلة جديدة من الحوار.. وهذا ما خرجت به الندوة.
** د. بن بيه: الإسلام أسس للحوار شكلاً ومضموناً، ولهذا نجد أن الحوار قد يكون دينياً كما كان مع نصارى نجران وبعض طوائف اليهود، وقد يكون حواراً دنيوياً بمعنى يتعلق بمصالح الدنيا وإيقاف الحروب، والنبي صلى الله عليه وسلم مارس كلا الحوارين وهذا هو مضمون الحوار وهو باق الى يومنا هذا.
علينا إذن إن نمارس الحوار في مجالات الدعوة، لنبرز ما في هذا الدين من الخير ولنقدم للبشرية ما جاء به الإسلام من خير ومن جهة أخرى نوقف الحملة الظالمة على الإسلام والمسلمين ولندع الى تعايش بشري تأمن فيه البشرية.
الإسلام يدعو الى الحوار ويمارسه، ويبين العقبات التي تعترضه والسدود والمعوقات التي تقف أمامه، فديننا هو دين الحوار والبرهان.
** د. العبادي:الأدلة الشرعية واضحة على تبني القرآن الكريم منهج الحوار مع الآخر في تقرير لحقائق الإيمان، وفي دعوته لحقائق العقيدة الإسلامية، فقد ناقش الملحدين وغير المؤمنين مناقشات مستفيضة بالحجة والدليل والبرهان ودحض كل مقولاتهم.
** د.الرفاعي:الحوار في الإسلام يقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية هي: إجلال العقل، وإجلال حرية الاختيار، وإجلال كرامة الإنسان، لذا فإن العلماء والمفكرين يرون أنه واجب ديني ومسلك أخلاقي ونهج حضاري، وبهذه المعاني الثلاثة يبقى وسيلة حكيمة ومسلكا عاقلا لتحقيق غاية أعظم واجل.
** د. فدعق: نعرف جميعا أن القرآن كتاب حوار لا نظير له، وأن الإسلام بشكله العام يؤمن بالتعددية سواء في الألسنة أو الأعراق أو الأديان أو الثقافات، لذا فإن المجادلة بالتي هي أحسن مهمة جداً، لاسيما في المجالات التي ينبغي لنا أن نتحاور فيها مثل: «الإيمان بالله والدار الآخرة» الذي نستطيع به أن نرد على الملحدين والماديين، والقيم الأخلاقية التي نواجه بها الإباحية، والعدل والكرامة والحرية وحقوق الإنسان ورد المظالم وهي القيم التي نستطيع بها أن نتحاور فيها مع الآخر.
** د. قمر:القرآن الكريم تضمن مواقف حوارية كثيرة جدا، وهي تصل إلى قرابة مائتي موضع، في ألف آية تقريبا، كما ورد في بعض الدراسات المتخصصة.
كما احتوت السيرة النبوية العطرة مواقف عديدة للحوار مع أهل الكتاب وغيرهم، كانت سببا رئيسيا لدخول الناس في الإسلام والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، وواصل ذلك صحابته ـ رضوان الله عليهم ـ ثم من جاء بعدهم.
** د. عبد العليم:قد يرى البعض أن الحوار بيننا وبين من ينكرون ديننا غير مجد، فنقول له: هذا يكون مدعاة إلى الحوار لا إلى عدمه، لأن الآخر لو كان يعترف بديننا لما كانت هناك حاجة إلى التحاور معه، فواجبنا أن نحاور حتى يعترف بنا وبديننا، وحتى يمتنع عن الإساءة لديننا، فعلى ذلك يصبح الحوار واجباً دينياً على مر العصور والأزمان.
إذا فإن الحوار مع أتباع الأديان الأخرى من الأمور المهمة التي يجب على المسلمين التمسك بها، والعمل على استمرارها مهما حدث أو وقع من مؤثرات.
القيم المشتركة
* وكيف ترون أهمية الحوار لترسيخ قيم إنسانية مشتركة بين كافة أتباع الأديان؟
** د. بن بيه :القيم المشتركة هي أساس من أسس الحوار في الإسلام.
كما أن البشرية لديها معايير وقيما دينية وعقلية مشتركة يجب أن تكون أساساً من أسس الحوار، مثل: «الإيمان بالإله الواحد» الذي تؤمن به جميع أتباع الكتب السماوية، و «العقل» الذي هو أحسن الأشياء توزيعاً بين البشرية كما يقول ديكارت، و «المصالح البشرية المشتركة» التي تؤدي لخير البشرية، و «الاختلاف» الذي لا بد أن نعترف بوجوده بين البشر.
** د. قمر : للحوار دور مهم في تأسيس تلاحم قوي بين أتباع الديانات الثلاث من أجل التنسيق ضد المخاطر العظمى التي تحيق بعالم اليوم.
كما يمكن للحوار أن ينشر القيم والأخلاق ويؤدي دورا مهما في التوعية في المجالات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنه يساعد في الحد من المفاسد الاجتماعية، وانتشار الرذيلة.
** د. عبد العليم: الحوار ضرورة إنسانية والأمم إذا لم تتحاور فإنها تتقاتل وتتفانى، لذا علينا إن نتحاور معهم حتى يعترفوا بالإسلام كدين سماوي، فالحوار وسيلة لمطالبتهم بالاعتراف وليس القوة.
مضمون عالمي
* كيف يمكن أن نؤصل لحوار بمضمون عالمي يشتمل على هذه القيم وعلى تجارب الحوار الحضاري عبر التاريخ؟
** د. بن بيه:مضمون وأهداف «الحوار» هو إيجاد جو عالمي للانتفاع بهذا الكوكب للتعايش فيه، وإنقاذ البشرية من الحروب، حيث يقول أفلاطون: إن الحوار يقدم البدائل عن العنف.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقدم البدائل في حواره مع قريش في «صلح الحديبية»، ويؤكد أنه (لم نأت لحرب وإنما للطواف بالبيت)، فهذه السلمّية البديلة عن الحرب.
أما أسلوب الحوار الذي اعتمده صلى الله عليه وسلم فهو أسلوب مميز، ويمكن أن نجمله بأنه «أسلوب إقناعي»، وكما يقولون: الحوار لا يخلق حقائق ولكنه يؤدي الى الوصول الى حقائق،
والغرب ـ كما هو معروف ـ يرجّح في حواراته المرجعية العقلية على المرجعية الأساسية، لذا علينا أن نحاورهم من خلال ما وصلوا إليه في هذه المراحل الثلاث (المرجعية الدينية والتنوير والحداثة وما بعدها)، و علينا قبل الحوار أن نتعرف على العمق الثقافي الغربي حتى نستطيع أن نقدم حجة مقنعة.
** عطا المنان: المطلوب عندما نتحاور مع الآخر أن نتكلم عن الإشكالات التي تواجه الحوار معه فالحوار في التاريخ المعاصر مر بمرحلتين.. الأولى بدأت في الخمسينات ومن وجهة نظري انتهت بظهور الرسوم الدنمركية المسيئة عام 2005م، و أما المرحلة الثانية فقد بدأت حالياً باستشراف لمستقبل الحوار، وأعتقد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين مهمة جداً في هذه المرحلة الجديدة، لذا لابد أن يكون توجهنا: كيف نؤسس لهذه المرحلة وفق أسس حقيقية بأرضية مشتركة لحوار يمكن أن يأتي بنتائج.
التسامح والتعايش
* وكيف يمكن التأسيس لحوار حضاري يدعو إلى إبراز قيم التسامح والتعايش كمنهج مستقى من تعاليم الإسلام السامية المتضمنة تلك المفاهيم؟
** د. قمر:التسامح في الحوار مع أتباع الديانات الأخرى لا يقصد به الانفلات أو الذوبان في ما لا يتوافق مع جوهر الإسلام، بل الحوار المشروع هو الذي لا يلغي الفوارق والخصائص والاختلافات، ويؤسس لنوع من العلاقات الإنسانية المتبادلة التي تسود حياة الناس، وفيه خير للبشرية جمعاء.
الحوار ضد الطغيان
* نعود بالسؤال للشيخ الدكتور عبدالله بن بيه.. هل يتوقف الحوار عند الطغيان أي أن كل طرف معجب برأيه؟
** د. بن بيه:قصص الأنبياء كانت حواراً، وكان القرآن الكريم يذكر قول أقوامهم وردودهم ليصل في النهاية الى بيان الظالم والمعتدي: ( لأن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين) ، فهنا وصل الحوار الى عقبة هي «الطغيان»، وفرعون يحاور موسى ثم يصل ( لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين).
المنظمات الإسلامية والحوار
* أتوجه بالسؤال للسفير عطا المنان.. أنتم في منظمة المؤتمر الإسلامي ألا ترون أن هناك تباينا في الحوار بين الدوائر الحوارية الإسلامية، حيث إن البعض يرى أنه الأحق بالقيام بهذه المهمة؟
** عطا المنان:السؤال الكبير المطروح بشدة حالياً في العالم الإسلامي هو: من يتحدث باسم الإسلام؟!، فإذا درسنا واقع الأمر نجد أنه لا يوجد أحد مفوض بذلك، وذلك بسبب تعدد المنابر التي أثرت على الحوار، لذا تجد بعض المنظمات الإسلامية تسعى لإيجاد قدر من التنسيق مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، كما أن اختلاف الآراء المتباينة داخل الصف الإسلامي (مذهبية أو فكرية) أثرت على عدم وجود مرجعية حوارية للمسلمين.
ومن الأهمية بمكان السعي لإيجاد صوت يتحدث برؤية واحدة في الحوار مع الآخر وليكن ذلك في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي،
* عكاظ: طالما أن السفير عطا المنان ذكر جهود بعض المنظمات الإسلامية في مجال الحوار، فإني مضطر لتوجيه سؤالي للدكتور حامد الرفاعي.. لأسأله عن دور المنتدى الإسلامي العالمي للحوار الذي يترأسه في النهوض بمهمة الحوار وتأصيل مفاهيمه ووضع ضوابطه وآلياته ونتائج الحوار مع الفاتيكان؟
** الرفاعي:نحن في المنتدى عند حوارنا مع الفاتيكان نزعنا الحوار من ساحة العقائد والإيمان ونقلناه الى ساحة المصالح، وهذا ليس خوفاً من ساحة الإيمان والعقائد ولكنه تخطيط استراتيجي لنسحبهم من ساحة الى أخرى لنستطيع أن ننقل لهم ما نريد من الساحة الآمنة عندهم، ونجحنا بهذا أن نتفق معهم على: أن الحقيقة الربانية المطلقة لا تتعدد ولكن الذي يتعدد هو فهم البشر حولها، وأن الاختلاف القائم هو اختلاف أتباع لا اختلاف أنبياء، وأن الحوار الدائر بيننا ليس حوار أديان بل هو حوار أتباع أديان، وأن الاعتراف القائم بيننا هو اعتراف وجود لا اعتراف اعتقاد، وأن الدين يعرض ولا يفرض، وأن العدل والسلام هو أساس العلاقة بين الناس، وأن الحرب حالة استثنائية ينتجها البغي والعدوان والظلم.
الحوار الأعزل
* دعونا نتحدث عن فقه القوة في الحوار.. فهل من الضرورة أن يكون المحاور قوياً وأقصد بالقوة هنا هي النفسية وليست الاستعلائية، والأمر الآخر ما هو الدور المطلوب لحوار معمق يقف على المشتركات الإنسانية بعيداً عن النزعات الاستعلائية ؟
** د. بن بيه :أمر يجب أن نقوله: الحوار يحتاج الى شيء من القوة، فـ «الحوار الأعزل» هو حوار ضعيف، فعلينا عند حوارنا مع الآخر أن نبرز لهم أننا لسنا ضعفاء، ومع ذلك فنحن لا ندعو إلى الحروب، ومستعدون للسلام بأي ثمن، فمنهجنا هو منهج الإقناع،
** د.الرفاعي:قد أختلف مع الشيخ عبدالله بن بيه في أن القوة شرطاً للحوار، ولاشك أنه عندما نكون أقوياء تكون حجتنا أقوى، لكن القوة ليست شرطاً للحوار أو تحسيناً له ولا وجوباً ولا مبدأَ، فالإسلام لم يشترط أي شرط للحوار إلا «بالتي أحسن»، وقد حاورنا غيرنا ونحن في أدنى حالات الضعف والتاريخ يشهد على ذلك، ومع هذا طأطأ غيرنا رؤوسهم عند محاورتهم لنا.
** د. بن بيه أرى أن الدكتور حامد الرفاعي قد فهم مقصدي في حديثي عن القوة بشكل خاطئ، والذي قصدته هو «القوة النفسية» بالاستعداد للحوار بقوة الحجة والبرهان، و «المجادلة بالتي هي أحسن» هي قوة عقلية لابد من استخدامها في الحوار، والله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن).
** د. فدعق: أتفق مع الدكتور عبدالله بن بيه على أن موقفنا من الغرب يجب أن يكون واضحاً، خاصة أن لنا لقاءات كثيرة معهم، وهذا يحتاج منا أن نكون أقوياء ومبصرين وواعين، خاصة مع وجود بعض الانتقادات الموضوعية لمسيرة الحوار التي تطالب بوقفه، والأخرى تدعو لتصحيح مساره وهو الأنسب لأننا نؤمن أن الحوار بين المختلفين ضرورة وان الصراع ليس هو بالأمر الحتمي.
** د. عبد العليم:أتفق مع ما ذهب إليه الدكتور عبدالله بن بيه في أهمية امتلاك قوة البرهان والحجة، فإذا كنا لم نملك هذه القوة فأقول إن هذا هو سبب ضعفنا، وإن كنا لم نجن من حواراتنا الماضية شيئا، فإن من الواجب علينا أن نقوّم أنفسنا لنعدل من طريقتنا في الحوار بامتلاك قوة الحجة والبرهان التي أشار إليها فضيلته.
أولو بقية
* ما هو الدور المطلوب للمحاور لتوضيح رسالة الإسلام الحضارية الإنسانية المرتكزة على الحوار والتفاهم والسعي على السلام؟ ومن هم الذين لابد أن نبحث عنهم في الغرب للحوار معهم؟
** د. بن بيه: أعتقد أن من يدعو الى الحوار الآن، يدعو إليه انطلاقاً من مقدمات في غاية الأهمية وهي: أن البشرية لم تكن في وقت من الأوقات قادرة على إبادة هذا الكوكب الأرضي قبل هذا الوقت، وأن البشرية لم تكن في وقت من الأوقات تتداخل مصالحها وتتشابك معايشها كما كان في هذا العصر.
أما الجزء الآخر من سؤالك فأقول: لم يعد هناك اليوم سبيل لحل الإشكالات القائمة إلا عن طريق البحث عن «أولي بقية»، في قول الله عز وجل: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض)، وهم المتعاطفون من الغرب مع الإسلام، وعلينا أن نحاول تجميعهم في أنحاء العالم لنتضامن سويا للتحاور لصالح البشرية، وقد قال المفسرون عن «أولو بقية» إنهم أولو العقل والتمييز.
** د.الرفاعي:أضيف على ما قاله الدكتور عبدالله بن بيه بأنه لابد أن يكون الآخر الذي نتحاور معه تجمعه معنا مصالح مشتركة وشراكة في مهمة ربانية تكليفية هي: الاستخلاف في الأرض وتعميرها بصرف النظر عن الاعتقاد أو الدين أو العرق.
الإشكالية القائمة عندنا أن بعض شبابنا من طلبة العلم وسّع دائرة العقيدة حتى غطت على دائرتي الشرعية والرسالة فأصبحت علاقته مع الآخر هي علاقة كفر وإيمان، رغم أن القرآن الكريم حسمها بقوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين)، ومع ذلك نحن إذا جعلنا "العقيدة" في حوارنا مع الآخر بهذه النسبة الضئيلة التي لا تزيد عن (5%) ليس معناه أننا نتنازل عن (إن الدين عند الله الإسلام) و( من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)، بل هي آيات نتلوها أمام البابا وفي الفاتيكان ولكبار القساوسة في الغرب.
** عطا المنان:ليسمح لي الشيوخ أن أقول مضيفاً: نحن نعتقد كمسلمين أننا متقدمون في مجال الحوار، ولكن عندما نقف في المحافل الدولية الموجودة نلاحظ أن موقفنا مازال متخلفاً جداً، وإذا أردنا أن ننقل الحوار إلى النظرية الواقعية فإن أغلب الحوارات التي تتم بين الغرب والشرق لا يوجد بها أرضية حقيقية للحوار، لذا لابد قبل التحاور من خلق أرضية مشتركة ثم نبدأ في الحوار،
فإذا أوقف الحوار سيكون العالم كحظيرة واسعة يتقاتل فيها الناس، وفي النهاية القوي يأكل الضعيف وسنكون نحن المسلمين الأكثر خسارة، فالحوار في العصر الحالي يقوم على الغلبة، وهي ليست اليوم في صالح المسلمين،
** د. فدعق: أعقب بقولي: البعض منا لديه شعور سلبي في أن "الحوار بين الحضارات" وصل إلى طريق مسدود، وآخرون متفائلون يرون أنه يفتح الطريق لنا كمسلمين، وهذا وذاك نابع من الأجندات الخاصة الموجودة عند المتحاورين، فالأجندة الإسلامية تحتاج في مسارها الى معالجة مناهجها الدراسية وتفعيل وسائلها الإعلامية.
تسونامي الحوار
* معنى ذلك.. هل يمكن أن نقول إن هناك حوارات إسلامية مع الآخر غير منظمة أو عشوائية؟
** الرفاعي:نعم.. هذه مشكلة نعاني منها، لقد أصبح لدينا تدفق خطير نحو الحوار، وأخشى أن يحدث من هذا التدفق طوفان، وربما يتولد «تسونامي حوار» يدمر ما قد نتج، ويحول بيننا وبين آمالنا فيما يمكن أن ينتج.
** د.بن بيه: «تسونامي الحوار» الذي تحدث عنه الدكتور حامد الرفاعي واقع بعضه، فالكثير من الهيئات الإسلامية في الغرب تقوم بالحوار، وبعض الغربيين يجبرونك على الحوار، وبعض ساستهم يقدمون دعوات لعدد من علماء الأمة ومفكريها للتحاور، فميدان الحوار واسع، ومع ذلك علينا أن لا نكون متشائمين من تعدد دوائر الحوار، .
* إذاً ما الذي نحتاجه للحوار مع الغرب؟ وكيف يكون حوارنا معهم؟
** عطا المنان:نحتاج لثلاث قضايا أساسية هي: الإرادة السياسية (إذا لم تتوفر فإن كل حواراتنا ستظل ضمن المجاملات)، والثاني: وجود أهداف محددة وواضحة، والثالث: معرفة كل طرف الآخر.
هذه الشروط الثلاثة تتوفر في العالم الإسلامي أكثر من توفرها في الغرب، لذا عليهم أن يطوروا آلياتهم في فهم العالم الإسلامي، فإذا أردنا حواراً مفيداً لابد من توافر هذه الشروط لدى الطرفين وليس عند طرف واحد فقط.
*نختم الندوة بسؤال أخير للشيخ عبدالله بن بيه.. حيث يرى البعض أن المرحلة الجديدة التي بدأ فيها تكثيف الإساءات للإسلام من قبل بعض الغربيين هو أنهم لا يريدون الحوار.. ماذا يقول فضيلتكم؟
** د.بن بيه:نحن لا نستطيع أن نقول إن جميع من في الغرب لا يريدون الحوار، فهم ثلاث طوائف: فئة تجهل كل شيء عن الإسلام وواجب علينا أن نقوم بتعليمها الدين وهم يمثلون كثيرا من العوام، وفئة ثانية تناهض الإسلام وتعاديه وهم اليمين المتصهين، وثالثة هم «أولى بقية» الذين ذكرتهم سابقاً، وهم قوم يريدون أن يعرفوا شيئاً من الحقائق عن الإسلام، وأرى أن لا نهمل هذه الفئة، وعلينا أن نبحث عنهم وان نتحاور معهم وان نقيم الحجة على الآخرين أيضاً،.
المشاركون في الندوة
•الشيخ الدكتور عبدالله بن بيه
نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
•الدكتور عبدالسلام العبادي
الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي
•الدكتور حامد الرفاعي
رئيس المنتدى العالمي للحوار
•السفير عطا المنان بخيت
الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي والمتحدث الرسمي
•الدكتور عبدالله فدعق
داعية وباحث إسلامي
•الدكتور عبدالقاهر قمر
باحث شرعي بمجمع الفقه الإسلامي
•الدكتور أحمد عبد العظيم
باحث شرعي بمجمع الفقه الإسلامي
__________________
يارب عسى اللى جآي خير وآلي مضى خيرة الصلاةُ عـــلى رســـول الله شمس لاتغيـــــبُ حاشا يضام من استجار بها وحاشا أن يخيبُ فإن دعوت الله في أمر عصيٍّ أو عصيـــــــبِ فابدأ دعائك واختتمه بالصلاةِ على الحبيــــبِ
دروس الروحه على الرابط التالي
|