تمويل الضمان الاجتماعي
أخر تحديث: الخميس 18 سبتمبر 2008 الساعة 11:43PM بتوقت الإمارات
عبد الله فدعق الهاشمي المكي:
سار سيدنا عمر بن عبدالعزيز ــ الخليفة السادس ــ على المبادئ المتميزة لمن سبقه ، حتى أن الرجل كان يخرج من بيته بزكاته فلا يجد من يأخذها . وذكر الخطيب البغدادي في '' التاريخ '' و ابن تغري بردي في '' النجوم الزاهرة '' والنباهي في '' قضاة الأندلس '' و أبو العرب في '' طبقات علماء إفريقية '' أن يحيى بن سعيد ــ عامله على إفريقية ثم قاضيه بالأندلس ــ يقول : بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية ، فاقتضيتها ، و طلبت فقراء نعطيها لهم ، فلم نجد فقيرا ، و لم نجد من يأخذها منا. فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس . و يضيف قائلا : فاشتريت بها رقابا (عبيداً) فأعتقتها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يتم تمويل المعوزين ؟ و أتمنى ألا تشمل الإجابة مقولة أن كل واحد عليه أن يجعل قروشه في حصالة ــ يساهم فيها بقوة أو بمروءة ــ لأيامه ذات الألوان الداكنة. فالإسلام لم يلزم أحدا بذلك ، وإنما جعل ذلك من باب الفضل والإحسان.
والكفالة في هذا الضمان مقصورة على بيت المال، وهو يمول ذلك ـ أولا ـ من حصيلة الزكاة و من ثم صرفها ــ على خمسة أصناف من الثمانية المشهورة ــ حيث أن رواتب العاملين عليها متكفلة الخزينة العامة بصرفها ، والمؤلفة قلوبهم قد أوقف سيدنا عمر بن الخطاب سهمهم، والرقاب الآن في حكم التاريخ الذي لن يعود على الأقل قريبا. ويتم التمويل ـ ثانيا ـ من خلال التبرعات ، الفضل و الإحسان، و قد ذكر صاحب '' حياة القلوب '' و المسعودي في ''مروج الذهب'' أن سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سأل من في مجلسه يوما : أرأيتم من زكى ماله ، هل يبقى فيه حق لغيره ؟ فأجاب سيدنا كعب الأحبار رضي الله عنه : لا . فرد عليه سيدنا أبو ذر رضي الله عنه بقوة ، و استشهد بقوله تعالى في سورة البقرة ( ... و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر والملائكة و الكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين و في الرقاب وأقام الصلاة و آتى الزكاة ... ) مبينا في ذلك الفرق بين ''آتى المال'' و''آتى الزكاة''، موضحا أن العطف هنا للمغايرة .
والأحاديث في هذا الغرض أكثر من أن تحصى ، و لعل من أشهرها قوله صلى الله عليه و سلم ( أنا و كافل اليتيم في الجنة كهاتين ) و أشار بإصبعيه الشريفتين .
و يتم التمويل ـ ثالثا ـ من فرض الأموال ، كما صرح به فقهاء المالكية ، فقد ذكر الشاطبي في'' الموافقات '' أنه عندما يخلو بيت المال، أو ترتفع حاجات الجند، و ليس فيه ما يكفيهم ، فإن للإمام أن يوظف ــ أي يفرض ــ ما يراه كافيا لبيت المال في الحال ، إلى أن يظهر فيه مال ، أو يكون فيه ما يكفي .
وـ للإنصاف نذكر ما أضافه أيضا في كتاب '' الاعتصام '' ـ و هو أن الاقتراض لسد الحاجات إنما يكون حيث يوجد لبيت المال دخل ينتظر، وإلا فيتم الفرض ـ ولعل هذا مما يريح مقرري الضرائب أثناء الأزمات.
فقيه ومفكر سعودي
__________________
يارب عسى اللى جآي خير وآلي مضى خيرة الصلاةُ عـــلى رســـول الله شمس لاتغيـــــبُ حاشا يضام من استجار بها وحاشا أن يخيبُ فإن دعوت الله في أمر عصيٍّ أو عصيـــــــبِ فابدأ دعائك واختتمه بالصلاةِ على الحبيــــبِ
دروس الروحه على الرابط التالي
التعديل الأخير تم بواسطة عاشقة الرسول ; 28-09-2008 الساعة 04:39 PM.
|