مشاركة السيد عبد الله فدعق في ندوة المدينة
- تطرف الخطاب الديني
وحول ربط التطرف والإقصاء بالخطاب الديني في المملكة إلى الحد الذي يذهب فيه البعض إلى القول بأنه أصبح ظاهرة منتشرة في الخطاب الديني المعاصر حسب ما تتناوله بعض وسائل الإعلام.
* يتناول ذلك السيد عبد الله فدعق قائلاً: من الجميل أن نثير موضوع الاعتدال في هذه الأيام، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي كما يقولون. ومن الجيد كذلك أن نتناول موضوع الاعتدال وننظر له الآن تنظيراً ينبغي أن يكون قد تم منذ أزمنة خلت، ولكن على ي حل نحتاج إلى البحث في الجوانب العملية المتعلقة بالاعتدال، سواء كان هناك إقصاء أو لم يكن، أو إحجام أو ابتعاد أو التفات إلى مجموعة دون الأخرى، فهذه كلها جوانب نظرية.
ويتابع السيد فدعق حديثه: نريد أن نعرف الآن ما هي معايير الاعتدال التي نحتاج إليها.. فقد سمعنا كثيراً عن الاعتدال في الأسابيع الماضية، وكل من له قلم أو لسان تحدث في هذا الموضوع. لكن دعونا نتحدث عن معايير الاعتدال لنجددها. هناك معايير كثيرة يمكن أن نبحث فيها. فمعيار الاعتدال ربما يكون في المساواة أو الحرية أو في توفير العدالة للجميع. وأعتقد أن هذه هي أهم معايير الاعتدال. فهل العدالة متوفرة للجميع؟ وهل الكل يتمتع بالمساواة؟ هذه المعايير هي المعايير العملية التي تصح من خلالها الأقوال المنادية بالاعتدال. بدون ذلك لن يتحقق أي اعتدال. وسيكون هناك إقصاء وغير ذلك مما نشتكي منه. بعد أن ننتهي من هذه المعايير تأتي معايير أخرى مثل الأمن والرفق الموجود بين المسؤول والمواطن وبين الحاكم والمحكوم. والرحمة بين الأب والابن وبين رب الأسرة وأفرادها.
ويختتم السيد فدعق حديثه متناولاًَ الاتهامات التي تصم أحداً بأنه شيوعي أو ليبرالي أو غير ذلك مما يُرمى به البعض غيره ممن يختلف معه في الرؤى والأفكار قائلاً: أسهل شيء في هذه الدنيا أن تبحث لمن تختلف معه في الرؤى والأفكار قائلاً: أسهل شيء في هذه الدنيا أن تبحث لمن تختلف معه في الرأي عن تهمة. فعندما يختلف أحدهم مع الآخر يلجأ للبحث عن تهمة له وقد يقول له (( إنك شيوعي أو ليبرالي أو سلفي أو صوفي )). هذه الملصقات تفيد في حالة العجز عن الدخول مع الآخرين في نقاش فكري. لأن الحل عند هؤلاء في إلصاق التهم، فطالما أنني لا أستطيع أن أصل إلى فلان أو أن أدخل معه في نقاش فكري فمن السهل أن أبحث عن تهمة له. هذه هي الأسباب. لقد كان هناك عجز فكري عن التلاحم بين أفراد الوطن فوجدت هذه التهم الجزاف. والآن لابد أن نبحث عن الخطوات العملية التي تجنبنا هذا الموضوع.
الحصاد المر
* ويتداخل السيد عبد الله فدعق متناولاً التحوّلات في الفكر التي قربته من التطرّف حيث يقول: بلادنا زاخرة بأنواع متعددة من التيارات الفكرية والدينية التي نبحث في أسباب وجودها ونحللها. وأنا أكثر فرحاً بوجود التنوع من أسباب وجوده. فهذا التنوع وإن كان فيه نوع من الخطأ لكني أعتقد أنه ثراء فكري وديني، وأن التنوّع في التيارات الموجودة في البلد يعطينا شعوراً بالراحة ، وأننا لن نُقاد في مركب واحد بقائد فكري واحد يضلل الجميع.. فهذا التنّوع هو فكر وثراء وجمال. وأعتقد تمام الاعتقاد أنه لن تستقيم أمور بلادنا أو العالم الإسلامي بصورة عامة بدون الاعتدال. لكن الاعتدال لن يحدث دون أن نخوض معارك فكرية بين بعضنا البعض، شريطة أن يكون ذلك بأدب وحسن اختيار، وتكون منضبطة الضوابط التي ينشدها كل من ينادي بالاعتدال. لكن التنوّع والثراء لابد أن يكون موجوداً.
- ويمضي فدعق في حديثه قائلاً: لقد شاركت في الحوار الوطني الثالث المتعلّق بالشباب وبعض الأخوان كذلك، ودارت المناقشة حول أسباب وجود هذه التيارات، وقد يفهم منه الآخرون أننا نريد إلغاء هذه التيارات؛ وهذا غير صحيح، لأن وجودها مفيد. فدعونا نتعايش مع بعضنا البعض، لأن هذا التعايش هو الذي يكفل الأمان والراحة لبلادنا.
وعموماً أنا أنظر للموضوع نظرة أخرى؛ فوجود التكفيريين عندنا بدأ منذ حادثة جهيمان وتناسينا الموضوع واعتبرنا أن تلك حادثة فردية وأنهم أناس ضلوا الطريق والحمد لله انتهوا بتطبيق الحدود الشرعية عليهم. لكنا نسينا أننا ساعدنا في نمو هذه الفئة دون أن نشعر، وذلك في أفغانستان والعودة من أفغانستان. بعد أن دربناهم وجعلناهم يسافرون إلى أفغانستان بتذاكر مخفضة، وشجعتهم المساجد على السفر، فرجعوا من أفغانستان دون أن يكون لهم عمل، ودون راع يرعاهم أو وجود من يأخذ بأيديهم.. فماذا كانت النتيجة.. هل نطلب من إنسان تدرب على حمل السلاح أن يجلس.. فلا بد أن يمارس هوايته. لذلك أصبح استعمال السلاح هواية عند من سافروا إلى أفغانستان. وها نحن الآن نحصد ما زرعناه.. فقد كان هناك زرع فاسد بدأنا الآن نحصده. والحمد لله أننا أدركنا واعترفنا أن هناك فئة ضالة نريد أن نعالجها. والعلاج يكون عن طريق الاعتدال. علينا ألا نطيل الجلوس وندفن أنفسنا تحت الرمال ونختبئ خلف مقولات الخصوصية وغيرها. فالأمر أكبر من ذلك.
- تأصيل منهج الاعتدال السعودي
ويتداخل السيد عبدالله فدعق بقوله: استوقفتني عبارة «الاعتدال السعودي»، لا أريد أن يوسم الاعتدال الصحيح بأنه هو الاعتدال السعودي حتى لا نقع في مشكلة كبيرة مع غيرنا ممن يظن أن الاعتدال خاص بنا، لاسيما أن صاحب هذه الفكرة والمنظِّر لها هو سمو الأمير خالد قال بالنص: «إن ديننا الإسلام ومنهجنا هوالمنهج السعودي الذي يتشبث بالقيم الإسلامية»، فالاعتدال المقصود ليس هو الاعتدال السعودي بل الإسلامي. لا يوجد اعتدال سعودي يختلف عن الاعتدال المصري أو الاعتدال الهندي لأنه اعتدال يتشبث بالقيم الإسلامية. ويتداخل قينان مزيلاً الالتباس بقوله: الصفة التي تحدث عنها تعني المنهج السعودي للاعتدال.
أنواع الاعتدال
ليجد التعضيد من السيدعبدالله بقوله: هذه هي الصفة الصحيحة. لكن الاعتدال السعودي ربما يضعنا في موقف سخرية الآخرين. لكن الصحيح هو أن نقول المنهج السعودي للاعتدال. التعامل معالواقع السعودي هو لتغيير هذا الواقع. نحن نعيش في واقع نحتاج إلى أن نغيره. التغيير يكون بالاعتدال والمنهج الذي ذكرناه. الاعتدال لا يمكن أن يعني القدرة على التكيف مع واقعنا السعودي دون أي تغيير. لا بد أن يكون هناك تغيير والتغيير بدأ منخلال هذه الهوامش التي نعايشها ومن خلال هذه الكراسي. تحدثنا عن المعايير وعن التغيير. لا بد أن يفهم الناس أن هناك أنواعا للاعتدال. إذا لم يكن الإنسان معتدلاًمع نفسه لن يكون مع أسرته، وإذا لم يكن معتدلاً مع أسرته لن يكون معتدلاً مع مجتمعه، وإذا لم يكن معتدلاً مع مجتمعه لن يكون معتدلاً مع أطراف المملكة الأخرى. الاعتدال منهج تدريجي ولا بد أن يكون الإنسان معتدلاً مع نفسه في البداية.
لذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي عن أن يمشي بنعال واحدة وقال له أن يرتدهما معًا أو ينزعهما معًا، لأن العدل هو أن يمشي الإنسان بنعلين. على الإنسان أن يتعلم العدل مع نفسه أولاً، والنبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه نهى أن يكون نصف الإنسان في الظل والآخر تحت الشمس. فمن خلال الاعتدال مع النفس سنتعلم الاعتدال مع الزوجة والأولاد، وبالتالي الاعتدال مع الجار وفي الآخر مع المجتمع. لا بد أن نعلم جميعًا أنواع الاعتدال. الاعتدال في الإنفاق وفي الملبس وفي العمل والراحة والكلام.
* خاتمة المحاور دارت حول دور المثقف والمتعلم والمؤسسات الثقافية والجامعات في إحداث التغيير في المجتمع، في ضوء من يرى أن المثقف لم يعد له مثل هذا الدور أو أن الأستاذ الجامعي تقلص دوره حيث يتداخل الدكتور سعيد الأفندي بقوله: كما ذكر الأستاذ قينان هناك ظواهر لا نقرها ولا نقبل بها مثل مصطلحات الزواج الإسلامي وغيره وتصنيف الناس بهذا الشكل لا يقره عاقل. بحكم ملامستنا للطلاب نقول إن هناك تيارا تغريبي ايريد نزع الشباب من بيئتهم واعتدالهم. الكتابان اللذان أشار إليهما الدكتور سهيل شاركت في تحكيمهما ضمن لجنة من جامعة الملك عبدالعزيز وهما عملان من أكبر المنجزات التي أنجزتها مؤسسة الفكر العربي عبر تاريخها.
جامعة الملك عبدالعزيز أسهمت في هذا العمل وأنا كنت عضوًا في ذلك لتحكيم الكتابين. الدولة والملك عبدالعزيز -رحمه الله- اقر التنوع في دراسة الحرم ولا أدري لماذا يتم تغييب هذا الأمر عن الناس؟!.
* ويعود السيد عبدالله فدعق بقوله: عندما دخل الملك عبدالعزيز - رحمه الله- إلى مكة وجد الكراسي موجودة في الحرم وأقر تنوعها ووحَّد الإمامة بأن جعل إمامًا من كل مذهب فكان هناك الإمام الحنبلي والإمام المالكي والإمام الشافعي وكان نصيب المذاهب الثلاثة الأخرى أكبر من مذهب الحنابلة لأنه لم يكن هناك حنابلة كثيرون في مكة. كل إمام كان يصلي الجمعة مرة في الشهر. كذلك كانت بقية الصلوات موزعة على بقية المذاهب. الكراسي كانت موجودة. الأمر الثاني عندما نقول إن التيار التغريبي خطر فهذا صحيح، ولكن ما الذي نظنه من ابتعاث أولادناإلى الخارج؟ هل سيرجعون بدون أن يتأثروا بالجوانب الغربية. ينبغي أن نكون وسطاً بين الانغلاق وبين الذوبان. عندما يدرس أحد أبنائنا ماجستير أو دكتوراه في الخارج لا بدأن يعود وبه سمة أمريكية أو بريطانية أو أوروبية. المطلوب أن نوافقهم على هذاالتغير لأننا ابتعثناهم أساسًا ليعودوا بعلم جديد وفكر جديد ومخرج جديد. علينا أننكون في الوسط. الأمر الآخر هو أن الاعتدال مفهوم كلي وليس الاعتدال دعوة بدون دليل. نحن نبحث عن أدلة الاعتدال وثوابته. إذا كانت هناك أدلة للاعتدال موجودة في الشارع العام فهذا يعني أننا بخير، وإذا لم تكن موجودة فهذا يعني أننا نمارس تنظيراً فقط.
* ويتداخل الدكتور سهيل قائلاً: إذا أذنت لي لا أريد أن أحدد المؤسسات الثقافية أو الجامعات تحديداً. دعنا نقول إن دور المعلم يبدأ من المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وهو أشد وأكثر أهمية حتى من الأستاذ في الجامعة. هذا يقودنا إلى موضوع آخر وهو إعداد هذا المعلم. من المسؤول عن إعداده؟ الجامع اتتعد المعلم ولكن من في الجامعات هم نتاج التعليم العام. نحن هنا كأننا نبحث في موضوع البيضة والدجاجة وأيهما يسبق الآخر.
لا بد أن نتأكد من إعداد المعلم بغض النظر عن صاحب المسؤولية أو تبادل التهم بقدر ما تبذل من جهود في إعداد المعلم وتوفير الأجواء والمناخ المناسب له، وبالذات في المراحل الأولى من التعليم ستقطف أشياء كثيرة في المستقبل بما فيها ما تأمله من أستاذ الجامعة الذي هو أيضاً نتاج التعليم العام.
* ويختم الندوة قينان بقوله: أعتقد أن المطلوب هو التوعية والنظام؛ التوعية عن طريق التعليم، والمنبر هو الإعلام. النظام هو الجهات المختصة التي تضع الإشارات الحمراء. والغالبية تقوم بهذا الجانب سلوكًا وتطبيقًا لقضيةالعدل والمعاملة.
__________________
__________________
يارب عسى اللى جآي خير وآلي مضى خيرة
الصلاةُ عـــلى رســـول الله شمس لاتغيـــــبُ
حاشا يضام من استجار بها وحاشا أن يخيبُ
فإن دعوت الله في أمر عصيٍّ أو عصيـــــــبِ
فابدأ دعائك واختتمه بالصلاةِ على الحبيــــبِ
دروس الروحه على الرابط التالي