أوضح الحاجة إلى فقه متجدد في الموضوعات المعاصرة.. فدعق:
وجود المجامع الفقهية لا يمنع الاجتهاد الفردي
محمد عجلان ـ جدة
أكد الباحث الفقهي الدكتور عبد الله فدعق، ضرورة الحاجة إلى فقه متجدد، مشيرا على أن هذه الحاجة تظهرها النظرة العابرة إلى الموضوعات المعاصرة، موضحا بقوله: «إن كثيرا من الأحكام بنيت على واقع العصر الذي تقررت فيه، أو على العرف المعمول به آنذاك، وهذا وغيره مما ينبغي النظر فيه بنظر جديد يلائم بين حقائق الدين الثابتة وبين واقع الناس، الذي لا يستقر على حال»، وطالب بإشاعة الفقه المتجدد، حتى يتمكن الجميع من الإسهام في أداء واجب تقريب الشرع إلى الخلق، وتقريب الخلق إلى خالقهم جل وعلا.
وقال فدعق في محاضرة علمية في مسقط: «من المهم أن يعرف الناس، أن ليس من مهمة الفقيه إيجاد الحلول التي فيها إفساد العمل، أو تبرير المخالفات، وأن المطلوب هو الخروج من أسر التقليد، والتخلص من إصر الجمود، وعدم الاكتفاء بالاستدلال بكلام السابقين، فإن الدليل هو القرآن والسنة وغيرهما تبع لهما، لا مقابل و لا نظير ولا قسيم».
الاجتهاد الجماعي
وأوضح الدكتور فدعق، أن هناك قائمة بالغة الطول من المواضيع نحتاج فيها إلى فقه جديد، بل وتستعصي على الترتيب والموالاة، وعائد أمر ذلك إلى ضرورة أهل كل زمان ومكان وكمالياتهم، مبينا أن هذا يعني تقديم المؤخر، وتأخير المقدم حسب الحال والمآل، وحسب الدراسة والاستقصاء، مضيفا: «لا يكفي أن يكون في كل جيل واحد أو اثنان من العلماء المحققين، بل يجب أن يكون القائمون جمعا كافيا، فالضرورة تستدعي الاجتهاد الجماعي، وليس جماعة من الفقهاء، أي أن المطلوب مجموعة من التخصصات، بالإضافة للتخصص الشرعي».
وأكد خطأ وخطر من يظن أن وجود المجامع الفقهية مانع للعلماء الأفراد من إبداء آرائهم الاجتهادية، أو أن كل مسألة تحتاج إلى رأي يجب أن تحال إلى مجمع من هذه المجامع. لأن الاجتهاد واجب على المؤهل، وليس مجرد حق له، يمارسه أو يمتنع عنه وقتما يريد، والمجتهد لا يحل له أن يقلد غيره، إذ لا يسع المجتهد كما يقول الإمام الشافعي، إلا العمل بما أداه إليه اجتهاده.. ولا أن يكتم علمه، فالكاتم آثم، والمبين مأجور. ولأن هذا المنع الخاطئ يحرم الأمة من نتائج عقول علمائها الذين ليسوا أعضاء في هذه المجامع. وخارجها ـ أي المجامع ـ أضعاف عدد المنتسبين إليها من القادرين على الاجتهاد.
وأوضح أن مسألة الاجتهاد أصلها مقرر في الشريعة، بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبأمره أصحابه بالاجتهاد في حضرته، وبإقراره اجتهاداتهم في غيبته، وفي الحديث: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ فله أجر واحد»، والحاكم هنا بمعنى القاضي.
الاختلاف ليس ضررا
وأشار الدكتور فدعق إلى أن العقول تتفاوت في استخلاص المعاني من النصوص، وتتفاوت في الوصول إلى إدراك المصالح وعكسها، ولذلك تصل إلى نتائج متباينة في المسألة الواحدة، رغم أن مرجعيتها واحدة، وهدفها واحد، مشيرا إلى أن هذا التفاوت لا ضرر فيه، ولا بأس منه، إنما الضرر هو في التعصب للرأي، واعتقاد احتكار الحقيقة، وكل ذلك ذمه الأئمة الأعلام.
وأوضح الدكتور فدعق، أن الاجتهاد المشروع يقضي على داء التعصب الذميم، ويفتح آفاق شعور الناس بسماحة الإسلام، وتشجيعه على البحث والتفكير في القضايا التي تحتاج إلى اجتهاد جديد، وهي قضايا مستمرة الحدوث والتطور. ولا يعقل تصور أن الدين عاجز عن مواجهتها باجتهاد علمائه الأفذاذ، كما لا يعقل أن يظل الناس أسرى آراء من تقدم حربا أو سلما، فالدين الحق أوصى بطلب العلم من المهد إلى اللحد، وطلب لذلك الإخلاص وعدم الخوف إلا من المولى عز وجل. وهذا ـ بلا شك ـ يعني الحاجة الكبيرة إلى فقه جديد يرصد التطورات ويواكبها.
وجوب البيان
وشدد الدكتور فدعق على أن الإسلام غير مسؤول عما آل إليه حال الناس من ضعف وهوان، والأصح من ذلك هو أن تركنا للإسلام هو المسؤول عما وصلنا إليه. وهذا الكلام يحتاج إلى تبيين برنامج يرسم الحدود الأساسية للمنهج العملي المأمول اتباعه، تماشيا مع قاعدة: «تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز»، موضحا أن ملخص هذا البيان هو الحاجة إلى فقه جديد ـ متجدد ـ لا يمنعنا عنه من يريد للإسلام أن يكون قوالب جامدة بلا حياة، أو من يريد حصره في روحانيات أو طقوس. وهذا يحتاج ـ كما يقول الدكتور محمد سليم العوا ـ إلى صحيح الفهم للإسلام في كليات أحكامه وجزئياته.
سار على هذا الفهم كثير من الأفذاذ الذين نجد كلامهم متناثرا هنا وهناك، وهو كلام يعد تحولا حقيقيا في النظرة الإسلامية المعاصرة لكثير من المسائل الحياتية المهمة، مثل حال المرأة وترشحها، ونظام الانتخابات، ومدة الولايات، والتعدديات، ولزوم الشورى، وعلاقة المسلم مع غير المسلم، وتقنين الشريعة، وعقود الاستثمار والتأمين، وإثبات الشهور، وغير ذلك مما يحتاج إلى رصد عاجل غير آجل.
__________________
يارب عسى اللى جآي خير وآلي مضى خيرة
الصلاةُ عـــلى رســـول الله شمس لاتغيـــــبُ
حاشا يضام من استجار بها وحاشا أن يخيبُ
فإن دعوت الله في أمر عصيٍّ أو عصيـــــــبِ
فابدأ دعائك واختتمه بالصلاةِ على الحبيــــبِ
دروس الروحه على الرابط التالي