منقوله من موقع الأستاذ/ أحمد باديب
-الذين عرفوا مدينة جدة و عرفوا أهلها و عرفوا أن أهلها هم أعذب الناس لساناً و أرق أهل الجزيرة مشاعراً و أسرع الناس عشرة و صداقة و أحياهم وجهاً و أكثرهم مجاملة و أقلهم نفاقاً و أحبهم للحياة و أقربهم للدين و أبعدهم تطرفاً ، يتركوا للناس إيمانهم في شؤون حياتهم و أحرصهم على الواجب ، تلقاهم في العزاء أكثر مما تلقاهم في الأفراح يحبوا أن تظهر عليهم النعمة و يلبسوا أفضل ما يملكوا و لا يسألوا الناس ما لا يملكوا ، لا يتدخلوا في شؤون بعضهم إلا بالخير ، يخبون أهل مكة و يعشقون أهل المدينة ، يستقبلونك في بيتهم في أي وقت ، لم يخرج منهم نبياً كذاباً و لا عرافاً دجالاً و لا كان منهم فئة باغيةو لا عرف عنهم أنهم خرجوا للاعتداء على أحد ، يحبون التجمع على الألعاب البريئة و يحبون الضحك و النكات مولودة الساعة ، و يكثرون من تعاطي التنباك سواء الجراك أو سجائر و يحبوا أكل الفصفص من المكسرات، إذا لم يعجبهم شيء سكتوا ، و قالوا “إحنا مالنا و الله يستر” و لم يعارضوا حكماً قط فحتى الشريف علي ملك الحجاز عندما هزم و خرج من جدة لم يثر عليه أهلها بسبب ما عانوه من والده و لا أخذوا شيء من ماله بل و خرج بعضهم معه و لكن الأغلبية ركبت السنابيك ” المراكب” و رفعت أشرعتها و قد كتب عليها ” يا شريف لمن الملك اليوم” .
و فتحت جدة بابها مشرعاً للملك عبد العزيز مرحبة بالعدالة و الدين و قدمت للدولة السعودية كل عون فأوائل المتعلمين في الدولة كان جدادوة و كانت الوزارات كما الكثير من الذين حول الملك عبد العزيز في البرقيات و البريد و الإذاعة ..و الخ جدادوة ليس ذلك فقط بل لقد كانت أكبر الضرائب و الزكاة تحصل من أهل جدة فقد كانوا أغنى أهل البلاد قبل النفط و كان عبد الله السليمان رحمه الله يأخذ منهم جمارك بضائعهم لسنوات قادمة لمساعدة الدولة على أعبائها و كانوا يدفعوها على الرحب و السعة بعد أن عرفوا الأمن و الأمان و الرخاء على يد الملك الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل الذي أحبوه و بنوا له عندهم البيوت و القصور و عملوا له طريقاً يصل بها إلى داخل باب البيت بالسيارة فأحبهم و كان يكثر القيام بينهم لما يحس منهم من حسن لسان و قلة حسد و عدم سؤاله أي شيء لأنفسهم ، فأهل جدة لا يشحذون أبداً و قد كان في جدة يوم كنت صغيراً و كان يذهب إليه صاحب الحاجة قبل صلاة الفجر ليقف ملثماً ليأتي القادر ليقضي له حاجته ، لقد أحبوا آل سعود كل الحب و قد زادهم حكم آل سعود حسناً على حسنهم و لطفاً على لطفهم و كم هي جميلة كلمة أهل نجد و خاصة الحكام ياخوا جدة غير كلهم يحبوننا و كلهم و الله نحبهم ليس ذلك فقط فحتى الأجانب من خارج البلاد ، سواء الذين قدموا لغرض ديني أو لغرض تجاري أو غيره يحبوا أن يقضوا بعض الوقت في جدة ليسعدوا بحسن معاملة أهلها و عشرتهم العطرة فمن أين يا ترى جاء أهل جدة بكل هذا الحب و هذه الرقة أهو من أمنا حواء التي يقال أنها مدفونة في جدة و هي و لا شك أم أعطت لكل أم في الدنيا الحب و الأمومة و العطف و لا شك أنها كانت رائعة و لولا ذلك ما أحبها أبونا آدم و طاوعها على الحق و الباطل و كذا نحن رجال أهل جدة ، نفعل مع نساءنا الذين سلبونا بلطفهم و حبهم فنطاوعهم على الحق و نتمنع عنهم عن الباطل ، هل يا ترى جئنا بذلك من نفحات الإيمان القادمة من مكة المكرمة أم نفحات الطيب القادمة من طيبة الطيبة ، نحمد الله إننا بين شطرين كلاهما أحلى من الآخر قد يكون ذلك أيضاً هو السبب ، أما السبب الثالث فهو التجانس و التلاحم الرائع بين أبناء جدة داخل السور طوال قرون فالذين يعرفون جدة قبل عام 1947 م يعرفوها و قد كان حولها سور و كان تعداد سكانها لا يزيد عن عشرين ألف كلهم بلا استثناء أقرباء سواء قرابة رحم أو رضاع أو مصاهرة صهرتهم فجعلت منهم نسيجاً نادر و رائع.
و سأحاول اعتباراً من الأسبوع القادم أن أذكر أهم العوائل التي أعرفها في جدة و علاقاتها مع بعضها ليعلم القارئ أن جدة حقاً عائلة واحدة محترمة.
هنا اكثر من 124 حلقة في موقع باديب على الرابط التالي:
http://badeebjeddah.net/wp/?cat=17