ندوة تطور العلوم الفقهية توصي بالحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية للأمة
في ختام فعالياتها
ندوة تطور العلوم الفقهية توصي بالحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية للأمة
واستثمار التقدم العلمي للتعريف بمبادئها ومثلها الإسلامية
كلمة المشاركين
ألقى الدكتور عبدالله فدعق الهاشمي المكي كلمة المشاركين بالندوة جاء فيها: إن نهضة عمان المباركة في كافة الميادين عموماً، وفي تطوير العلوم الفقهية خصوصاً لم تكن لتتم لولا توفيق المولى جل وعلا لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم. ومن أبرز علامات هذا التوفيق متابعته المستمرة - حفظه الله ورعاه - لهذه الندوة العلمية العالمية السنوية، فاللهم أحسن إليه، وأجزه عنا جميعا خير الجزاء، ووفقه دائما أبداً يا رب العالمين.
لقد سعت هذه الندوة المباركة: الفقه الإسلامي والمستقبل، الأصول المقاصدية وفقه التوقع، لاستقراء المستقبل الذي يعد أحد أهم مناهج العمل الناجح والأداء الفاعل.
وبالطبع نحن معاشر المشاركين لا نعني باستشراف المستقبل علم الغيب ... فهذا علمه عند الله وحده، إنما نعني الموقف الإيجابي الذي يمكن فهمه من القراءة الصحيحة للواقع واتجاهاته، مع إعمال المقدمات الواضحة للخروج بنتائج تتعلق باحتمالات المستقبل.
ومن هنا فالفقه الافتراضي الذي كنا في رياضه، في رحاب هذا الجامع الأكبر عنى ويعنى باستقراء المستقبل لا باعتباره الشيء المقرّر سلفاً والمفروض علينا، والذي يتكشف لنا شيئاً فشيئا، ولكن باعتباره شيئاً يجب بناؤه وتنفيذه، وهو ما يلخصه الحديث المشهور : (اغتنم خمسا قبل خمس ... الحديث) . إن فقه التوقع الذي نختتم اليوم ندوته، على الضد من العشوائية والاستسلام لمقتضيات الواقع أو ما سيقع، وهو في جوهره مجموعة البحوث المتعلقة بالتطور المستقبلي للبشرية، والمستمدة من المقاصد الشرعية، والمستندة على أصول الفقه، والقواعد الفقهية؛ مما يسمح باستخلاص عناصر تنبـُئِّية، ويحاول سبر أغوار المستقبل بهدف التعامل معه . ليس برفضه وإنما بمحاولة تحسينه وتطويره وتثقيفه لمسايرة الجديد المتجدّد، ومعايشة المستجدات، ومراجعة الأصول والأطر التي تحكم الواقع لاستنباط آليات التعامل مع الوقائع. قد يسأل سائل فيقول : لماذا نستشرف المستقبل؟ والجواب .. هو مادام المستقبل مجهولاً، فلماذا لا نتصالح معه؟ لماذا لا نسهم في أداء واجب تقريب الشرع إلى الخلق، وتقريب الخلق إلى الخالق سبحانه وتعالى؟ إن الفقه التقديري طريق لذلك، بل ونوع من الفعل الإيجابي الذي وإن تأخرت وقائعه، سيساهم في التطوير والإضافة؛ وشتان ما بين الفعل ورد الفعل، وبين من ينتظر ما يأتي به المستقبل، ومن يسارع نحو المستقبل مستخدمًا أدواته وآلياته. المعضلة في فقه التوقع أنه ليس بالأمر السهل أو المعتاد تبعًا لحقيقة جوهره السابقة ؛ لأنه دائم التحضير والانتباه والتحوّط والتغيير وعدم الركون إلى السائد واختراق المناخات القائمة وإيجاد أجواء تساعد على التغيير وتدعو إليه، والحفز باتجاهاته، ومن ثم فإن العالم المستشرف الذي يقوم بهذا الدور ويمارس هذه المهمة في المجتمعات يقوم بعمل شاق، وغالباً ما يكون هؤلاء المستشرفون عرضة للأذى والنبذ والكراهية والتبرّم من قبل عامة المجتمع والدوائر النافذة فيه، ما لم يكن الاستشراف متغلغلاً في مفاصل تلك الدوائر، وهذا لا يتمّ إلا في مجتمعات قد قطعت أشواطاً طويلة في الوعي بشرائع دينها. ومن أجل الحيادية في فقه التوقع علينا تجنّب الأفكار المسبقة أو الاندفاع لرؤية بعض الأمور التي تناسب أفكارنا وتتجاهل أو تنبذ الأخرى التي تزعجنا، فعلى سبيل المثال فإن تصنيف الناس تبعا لمذاهبها وعقائدها أمر خاطئ، وتفسير الأمور حسب الموروث الثقافي والمفاهيم والبُنى الفكرية الثابتة أمر خاطئ أيضاً، ولنقرر جميعاً أن جميع الفرق الإسلامية لها وجهات نظر مختلفة وصحيحة في تأصيل العقيدة، وأن الإباضية أساتذة هذه الفرق كما قال الشيخ بيوض - رحمه الله، ومن الواضح أن فقه التوقع يقتضي الحيادية والإيمان بأن التغير هو أحد سنن الحياة، ومن هنا فعلى الوزارات الدينية والمراكز البحثية فيها أن تعتمد المنهج النقدي في وسائلها، والبعد عن المواقف السلبية أو المنفعلة منها. وقال: إن الفرق بين الأرصاد الجوية ورسم مستقبل الأمة هو عينه الفرق بين التنبؤ والاستشراف، وللأسف فنحن ما زلنا أسرى التنبؤ وردود الأفعال القاصرة والمتأخرة دوما، وما زلنا نفتقر للخطط البديلة التي يمكن أن نلجأ إليها عندما تفشل الخطة الأساسية نتيجة إحدى المتغيرات. وبلا شك فإن فقه التوقع لابد أن يتم وفقاً لخطوات مرحلية ممنهجة تبدأ بتعريف المشكلة، ثم تحديد المتغيرات، ومن ثم تأتي مرحلة تجميع المعلومات لنستطيع في النهاية بناء الخيارات المستقبلية الممكنة، وعلى ذلك فإن نجاح نقاشات فقه التوقع ليس نشاطاً فردياً بل هو عمل وجهد جماعي، تجلى واضحاً في منسوبي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الذين وفروا كل الإمكانيات اللازمة لإنجاح ندوتنا هذه لنتمكن من استشراف المستقبل، ووضع توصيات يمكن السير على هديها . وفي الختام أوكد باسمي وباسم أصحاب الفضيلة العلماء أن فقه التوقع ضرورة لبناء الفرد والأسرة والمجتمع وتطورهم في شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفكرية، فالمجتمع الذي لا يستطيع رسم خطوات المستقبل سيغوص في هموم الحاضر، وسينحصر في ثقافة الماضي، ومن ثم يكون التأخر رهينة، وهذا ما تبدو عليه وللأسف الكثير من حالات مجتمعاتنا العربية والإسلامية، والواقع أثبت ويثبت أن المجتمعات الناجحة هي التي تنتهج الاستشراف كأسلوب حياة.
ولن تغني - في هذه المواجهة - ان تقف هذه الشعوب مكتوفة الايدي تندب حظها وتكتفي بمناشدة القوى الكبرى ان تحسن معاملتها فالعواطف لا مجال لها في العلاقات الدولية وانما يكون نافعا ومثمرا ان يكون للعلم والتخطيط والاحتمالات والتوقعات الأولوية وعندئد يمكن ان يكون لفقه التوقع دوره في الدرس والتحليل والمواجهة واقتراح البدائل وان يكون له جهده في التعرف على طبيعة الافعال والظواهر المستجدة الناشئة عن تقدم العلم وتطوره؛ وقد أنشئت لدراسة هذه الظواهر ومعرفة مساراتها وتوقع نتائجها معاهد ومراكز علمية لاستشراف المستقبل في نطاق الأخلاق والقيم والعقائد والتأثيرات اللغوية ونحوها، ثم ان يكون لها عناية بالبحث عن الأحكام الشرعية الملائمة لكل واقعة من وقائعها أو نازلة من نوازلها، ومن الممكن الاشارة هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى ما صار متداولا من الحديث عن الاجهاض والعلاقات المثلية في الزواج وحرية المتعة الجسدية في غير دائرة الزواج والتضييق على الاسرة في تربية ابنائها إلى غير ذلك من القيود التي تحيط بعنق الأسرة العربية المسلمة التي يتم التركيز عليها بالدعاية والترغيب والترهيب أو بالقوانين للتأثير فيها بوصفها السبيل إلى التأثير في المجتمع كله لا سيما في نطاق القيم والاخلاق والعادات الحاكمة.
ولا بد من دراسة هذا كله دراسة علمية وعلينا ان نستفيد بما تقوم به الدول المتقدمة علميا من انشاء مراكز لاستشراف المستقبل ومراكز لإدارة الأزمات وهي تعنى بجمع البيانات وتحليلها ووضع التصورات والاحتمالات وهي تقوم بتحديد الثوابت والمتغيرات وتوقع النتائح والآثار كي يستعان بهذا كله في رسم السياسات ووضع الخطط البديلة.
ولو تم هذا في مجال الفقه واستعانت المؤسسات والمجامع الفقهية بهذا الجانب الذي يعنى باستشراف المستقبل وتوقع المآلات فإنهم سيكونون اكثر استعدادا لتقديم الحكم الشرعي الملائم لهذه النتائج التي توقعوا حدوثها وسيكونون قد استعدوا للبلاء قبل وقوعه ولن يكونوا بحاجة إلى الانتظار كي يقوموا باجتهاد ربما يطول انتظاره أو يتأخر صدوره الامر الذي يؤدي إلى الحيرة والارتباك لدى الباحثين عن حكم الله تعالى في هذه المسائل الجديدة الطارئة ويفتح ابواب القيل والقال والتشكيك في شمول احكام الشريعة لكل زمان ومكان – والشريعة بحمد الله كاملة - وعلى الفقهاء ان يجتهدوا لإبراز هذا الكمال حتى لا يعود تقصيرهم على الشريعة بالنقصان وهي منه براء.
ثم تطرق إلى الأخلاقيات التي يجب على المجتهدون أن يلتزموا بها حيث عليهم ان يلتزموا بما يلتزم به المجتهدون في الشريعة على وجه العموم سواء كان الاجتهاد في مجال الواقع أو في مجال ما هو متوقع. أيضا على المجتهدين ان يراعوا النصوص الشرعية فهم مكلفون بمراعاتها. الالتزام في الاجتهاد – بصفة عامة - بالقيم الاخلاقية العامة التي تمثل ركنا مهما من اركان الشريعة الاسملامية. فمراعاة هذه المعايير التي تصون الاجتهاد وتضبطه وتحفظه من ان يتحول إلى فوضى أو ان يدخل في رحابه من ليس اهلا له واذا روعيت الشروط العلمية والاخلاقية فإن الانشغال بفقه التوقع أو فقه التقدير سيضيف إلى الفقه جديدا وسيزوده بثروة فقهية تزيده قوة وحيوية وتنقله من الاعتماد المطلق أو الكبير على فقه الرواية التي لا بد ان تكون حاضرة مرعية إلى فقه الدراية الذي يجعل الفقه مواكبا لما تشهده الحياة المعاصرة من تطورات متسارعة تحتاج إلى اجتهاد يصاحبها بل يسبقها ويحسن الاستعداد لوقوعها ولعل المجامع القهية بما تضمه من خبرات علمية وامكانات مالية وادارية تعطي هذا الجانب من الفقه ما يستحقه من عناية واهتمام.
معليش متعوده أحط الموضوع زي ما هو عشان سيدنا لا يزعل
بس تحت أمركم يا سيدي أسد بس على مسؤليتكم لو سيدنا زعل أنه الموضوع ناقص راح أقول شوفه تعليق سيدي أسد