مها قزاز
17-07-2010, 03:07 AM
"ويأكل بعضنا بعضا عيانا"
إن حاجتنا الماسة إلى إحسان الحياة وفق قيم دين الإسلام وأخلاقه ونظمه وسلوكياته, لا تقل عن الحاجة الشديدة إلى الطعام والشراب والمنزل والملبس
رحم الله الإمام الشافعي, الذي ختم قصيدته المختصرة الرائعة بما عنونتُ به مقالي, وبدأها بالحكمة الأروع: "نعيب زماننا والعيب فينا". لعل من أهم القضايا العصرية التي تلح حاليا على عقل المسلم وقلب المؤمن قضية: (العيش في العصر). لأن كثيرا من الناس يعيش وللأسف خارج الزمن, وليعيشَ الكل داخله, يجب انشغالهم بقضايا عصرهم وتحديات زمانهم. أستطيع أن أؤكد أن قضايا عصرنا اليوم ليست قضايا فقهية أو عقدية أو تاريخية. ولا يتصور انعزال الناس عن الدنيا ـ وإن كانت فانية ـ ليتفرغوا لجلسات مناقشات مستفيضة حول قضايا دينية تعتبرـ بحق ـ خارج العصر. فالمذهب الفقهي وكذلك الانتساب العقدي وأيضا التراث التاريخي أمور لها أهميتها, فليس هناك فرد في الدنيا بلا تاريخ, أو بلا عقيدة, أو بلا فقه. ولكن هذه الأشياء ـ مجتمعة ومنفردة ـ ليست هي مقومات الحياة, بل هي من شروط كمال العيش فيها, مع استمرارها, كذا ما يتعلق بجمالها وجلالها. لا بد من أن يقدم العقلاء إلى أمثالهم من النجباء من معاصريهم ما يمكنهم من العيش داخل العصر, بلغة واضحة؛ مفرداتها كلام رب العالمين ـ جل جلاله وعظم شأنه ـ وما صح عن سيد المرسلين؛ سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ واجتهادات العلماء المجتهدين بما تحمله في طياتها من قابلية للتغيير أو التطوير, وبما تتضمنه في جوانبها من استجابة للضرورات, وتلبية للوازم الحياة. فيبق الدين ـ وهو كذلك ـ مصلحا حقا لكل زمان وأهله, ومصلحا فعلا لكل مكان وأهله.
إن حاجتنا الماسة إلى إحسان الحياة وفق قيم دين الإسلام وأخلاقه ونظمه وسلوكياته, لا تقل عن الحاجة الشديدة إلى الطعام والشراب والمنزل والملبس. والكل متفق على أن هناك انفصالا هائلا بين المعرفة لدى البشر, وسلوكياتهم على سطح الأرض, يشترك في هذا الفصل الرجال والنساء, وكذلك الشباب والكهول, فالمشكلة ليست مشكلة جنس أو سن, ولكنها مشكلة الفصام الحادث بين العلم وبين السلوك. إننا في أمس الحاجة إلى أن نصلح علاقتنا بالعصر الذي نعيش فيه, وفي حاجة ملحة إلى إصلاح جوانب كثيرة من واقعنا, وفي حاجة ضرورية إلى تقريب الفهم الصحيح للدين إلى عقول الناس ـ الظاهرة منها والباطنة ـ وتقريب الناس من دينهم القويم, ومن خالقهم ورازقهم ـ سبحانه وتعالى ـ. إننا نحتاج إلى تجديد العهد بثقافتنا الإسلامية, وتجديد العلم بها, وتجديد الثقة بأنها المصلحة للعيش في كنفها, وأنها المخلِّصة من أي تعاسة, والجالبة لكل سعادة. الثقافة الدينية التي أتحدث عنها تحتاج إلى جهود كبيرة لنوفيها حقها, ولا يستطيع القيام بالجهد كله شخص أو مجموعة, بل لا بد من تعدد المعنيين بها, وتنوع وتعدد نشاطاتهم. فطبيعة الدين كذا تنظيمه يستندان على حرية الاجتهاد التي تضمن لكل صاحب رأي الحق التام في التفوه به, بل وتلزمه به. وأهل الاختصاص يقيموا الأمر, ثم يقوموه على أساس تغليب مصالح من يعيش بينهم.
جامع ما قدمته يعني أن تمثيل الإسلام المستنير على حقيقته يلزمه عدم التقليد بدون فهم, مع ترك الحكم على نوايا الناس, وترك الامتناع عن التعامل معهم وفق مظاهرهم. ويلزمه كذلك نفَس علمي, وعقل مرتب غير رتيب يعلو على الخطابة المجردة, ويسمو على الغوغائية المعقدة, ويتجاوز الإثارة الموجهة.
عبدالله فدعق (http://www.alwatan.com.sa/Writers/Detail.aspx?WriterID=40)
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=1309
إن حاجتنا الماسة إلى إحسان الحياة وفق قيم دين الإسلام وأخلاقه ونظمه وسلوكياته, لا تقل عن الحاجة الشديدة إلى الطعام والشراب والمنزل والملبس
رحم الله الإمام الشافعي, الذي ختم قصيدته المختصرة الرائعة بما عنونتُ به مقالي, وبدأها بالحكمة الأروع: "نعيب زماننا والعيب فينا". لعل من أهم القضايا العصرية التي تلح حاليا على عقل المسلم وقلب المؤمن قضية: (العيش في العصر). لأن كثيرا من الناس يعيش وللأسف خارج الزمن, وليعيشَ الكل داخله, يجب انشغالهم بقضايا عصرهم وتحديات زمانهم. أستطيع أن أؤكد أن قضايا عصرنا اليوم ليست قضايا فقهية أو عقدية أو تاريخية. ولا يتصور انعزال الناس عن الدنيا ـ وإن كانت فانية ـ ليتفرغوا لجلسات مناقشات مستفيضة حول قضايا دينية تعتبرـ بحق ـ خارج العصر. فالمذهب الفقهي وكذلك الانتساب العقدي وأيضا التراث التاريخي أمور لها أهميتها, فليس هناك فرد في الدنيا بلا تاريخ, أو بلا عقيدة, أو بلا فقه. ولكن هذه الأشياء ـ مجتمعة ومنفردة ـ ليست هي مقومات الحياة, بل هي من شروط كمال العيش فيها, مع استمرارها, كذا ما يتعلق بجمالها وجلالها. لا بد من أن يقدم العقلاء إلى أمثالهم من النجباء من معاصريهم ما يمكنهم من العيش داخل العصر, بلغة واضحة؛ مفرداتها كلام رب العالمين ـ جل جلاله وعظم شأنه ـ وما صح عن سيد المرسلين؛ سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ واجتهادات العلماء المجتهدين بما تحمله في طياتها من قابلية للتغيير أو التطوير, وبما تتضمنه في جوانبها من استجابة للضرورات, وتلبية للوازم الحياة. فيبق الدين ـ وهو كذلك ـ مصلحا حقا لكل زمان وأهله, ومصلحا فعلا لكل مكان وأهله.
إن حاجتنا الماسة إلى إحسان الحياة وفق قيم دين الإسلام وأخلاقه ونظمه وسلوكياته, لا تقل عن الحاجة الشديدة إلى الطعام والشراب والمنزل والملبس. والكل متفق على أن هناك انفصالا هائلا بين المعرفة لدى البشر, وسلوكياتهم على سطح الأرض, يشترك في هذا الفصل الرجال والنساء, وكذلك الشباب والكهول, فالمشكلة ليست مشكلة جنس أو سن, ولكنها مشكلة الفصام الحادث بين العلم وبين السلوك. إننا في أمس الحاجة إلى أن نصلح علاقتنا بالعصر الذي نعيش فيه, وفي حاجة ملحة إلى إصلاح جوانب كثيرة من واقعنا, وفي حاجة ضرورية إلى تقريب الفهم الصحيح للدين إلى عقول الناس ـ الظاهرة منها والباطنة ـ وتقريب الناس من دينهم القويم, ومن خالقهم ورازقهم ـ سبحانه وتعالى ـ. إننا نحتاج إلى تجديد العهد بثقافتنا الإسلامية, وتجديد العلم بها, وتجديد الثقة بأنها المصلحة للعيش في كنفها, وأنها المخلِّصة من أي تعاسة, والجالبة لكل سعادة. الثقافة الدينية التي أتحدث عنها تحتاج إلى جهود كبيرة لنوفيها حقها, ولا يستطيع القيام بالجهد كله شخص أو مجموعة, بل لا بد من تعدد المعنيين بها, وتنوع وتعدد نشاطاتهم. فطبيعة الدين كذا تنظيمه يستندان على حرية الاجتهاد التي تضمن لكل صاحب رأي الحق التام في التفوه به, بل وتلزمه به. وأهل الاختصاص يقيموا الأمر, ثم يقوموه على أساس تغليب مصالح من يعيش بينهم.
جامع ما قدمته يعني أن تمثيل الإسلام المستنير على حقيقته يلزمه عدم التقليد بدون فهم, مع ترك الحكم على نوايا الناس, وترك الامتناع عن التعامل معهم وفق مظاهرهم. ويلزمه كذلك نفَس علمي, وعقل مرتب غير رتيب يعلو على الخطابة المجردة, ويسمو على الغوغائية المعقدة, ويتجاوز الإثارة الموجهة.
عبدالله فدعق (http://www.alwatan.com.sa/Writers/Detail.aspx?WriterID=40)
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=1309