26/1/2009
باب الاقتصاد في الطاعة
وبالسند الصحيح إلى الإمام النووي
في كتابه رياض الصالحين
إلى أن قال
باب الاقتصاد في الطاعة
وبه إليه قال
قال الله تعالى: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ((طه:1))
رتب الإمام النووي أبواب كتابه رياض الصالحين ترتيبا مقصودا ليصل قارئه في آخر المطاف إلى أن يكون بإذن الله من الصالحين، مبتدءا من الإخلاص إلى التوبة إلى الصبر إلى الصدق إلى الوصول لدرجة المراقبة ثم التقوى فاليقين والتوكل ثم الاستقامة والتفكر في خلق الله والمبادرة إلى الخيرات والمجاهدة على ذلك والازدياد في فعل الخيرات مع بيان كثرة طرق الخير ، فإذا وصلت إلى ذلك فسيحصل عندك نهم لعمل الخيرات فيقول لك الإمام النووي توقف واقتصد فليس عليك أن تعمل كل الخيرات في كل الأوقات فهي أكثر من طاقتك
الاقتصاد في مختلف أمور الحياة معلومة ولكن الاقتصاد في العبادة غير مألوف عند البعض، فالمرء يطلب رضوان الله بعبادته ليس بالتعب فقط ولكن بالتعب والراحة وبالتوازن بينهما.
في الاقتصاد ترتيب وإبعاد للملل، قال سيدنا معاذ بن جبل t(إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي). أي وأنا نائم فأنا في عبادة كأني مستيقظ لأن النوم عندي للتقوي على العبادة، فعلى الإنسان أن يكون مقتصدا لأن الروح الإنسانية كالجسم للدابة فالجسم بحاجة لراحة من كثرة العمل وكذلك الروح بحاجة لراحة
{طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}
فالقرآن ليس للضنك والتعب والشقاء، حتى في حلقات تحفيظ القرآن يجب أن يكون هناك تزاوج بين التعب والراحة.
وقال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ((البقرة : 185)).
في هذه الآية تأكيد بتكرار العبارة على أن دين الله يسر وليس عسر، قال الرسول r أمرا منه (يسروا ولا تعسروا)، فمن يقوم بالتعسير على الناس فهذا ليس من الدين بل لهوى في أنفسهم.

و به إليه قال
142- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: هذه فلانة تذكر من صلاتها قال: " مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يملُّ الله حتى تملّوا" وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه. ((متفق عليه)) .
المرأة المذكورة في الحديث تسمى "الحولاء" وهي مشهورة بأنها من أعبد نساء المدينة.
في سؤال الرسول r عن المرأة درس آخر للأزواج بأهمية معرفة ما يدور في بيتك ومن يزور أهلك
قول السيد عائشة t (هذه فلانة تذكر من صلاتها) أي تذكر من كثرة صلاتها.
وقول الرسول r (مه) أي يكفي وهي كلمة نهي وزجر.
وقوله r (لا يملُّ الله حتى تملّوا) أي لا يقطع ثوابه عنكم حتى إذا مللتم ترككم.
أما إسناد صفة الملل لله سبحانه وتعالى فظاهريا غير صحيح،وهذا من باب ما يسمى بالمشاكلة وهي مثل ما يقال (حتى يشيب الغراب) وذلك فيه معنى الاستحالة.
وقوله r (وكان أحب الدين إليه) أي إلى الله وإلى رسول الله لأن ما يحبه الرسول هو ما يحبه الله
و به إليه قال
143- وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالّوها وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"
((متفق عليه)) .
الرهط من 3 إلى 10
وهؤلاء الرهط هم 3 وهم سيدنا علي بن أبي طالب t وعبد الله بن عمرو بن العاص t وعثمان بن مضعون t
وهؤلاء رغبوا في معرفة كيفية عبادة الرسول r وذلك مثل رغبة الحسن والحسين عندما اشتهوا معرفة أوصاف الرسول r من خالهم، وذلك لأن بيئتهم كانت صافية ونضيفه متعلقة كلها بالرسول r وليس مثل بيئتنا الحالية متعلقة بالدنيا .
عندما ذهبوا لأزواج النبي r كانت كل زوجة تعطيهم إجابة.
وقوله (فلما أخبروا كأنهم تقالّوها)
فإما أنهم تقالّوا أعمال النبي r وهذا هو الصحيح أو أنهم تقالّوا أعمالهم هم في قول آخر وهذا أضعف.
وبعد ذلك تعاهد هؤلاء الثلاث بوثيقة شرف على ما ذكروه من أعمال.
وقول الآخر (وأنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر) طبعا عدا العيدين.
وبالنسبة لقول الآخر (وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً) رغم نهي الرسول r عن ذلك إلا أن من رغب الزواج فعليه أن يرتب أموره أولا بحيث لا يترتب على هذا الزواج أن يترك التعليم والتعبد والمشاركة الاجتماعية، فمعلوم أن التعلق بالنساء يفتت معلومات طالب العلم إذا لم يرتب أموره.
وفي ذلك قال الإمام الجنيد وهو سيد الطائفة (ما رأينا من تزوج فبقي على حاله).
وهذا لا يمنع أن العكس صحيح
فبعض الأزواج تكون أحوالهم سيئة فيصلحها الله على يد زوجاتهم.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
علم رسول الله r بما قالوه إما كشفا إعجازيا أو وحياً
قوله r (أما والله إني لأخشاكم لله) استوقف الإمام العز بن عبد السلام وهو سلطان العلماء فكيف يخشى الرسول ربه وهو المغفور له، فقال أن الخشية مختلفة عن الخوف فالخشية أمورها داخلية وهي في القلب أما الخوف فهو أمر حركي.
قوله r (فليس مني)
هي كلمة كبيرة جدا وليست بسهلة
فهي تعني إما مؤمن قليل الإيمان أو تصل إلى حد أن تعني كافر إذا استحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله.
ومثله (من غشنا فليس منا)و به إليه
144- وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هلك المتنطعون" قالها ثلاثاً " ((رواه مسلم))
((المتنطعون)): المتعمقون المشدّدون في غير موضع التشديد.
المتنطعون مثل المطعطعون، والطعطعة هي ضرب سقف الحلق بطرف اللسان عند انتهاء أكلة ما، فعندما تنتهي من أكلك وتخبط سقف حلقك بطرف لسانك يصدر صوت يسمى طعطعة. وهذا أمر لا داعي له فقد انتهيت من الأكل فلماذا تزيد بأمور زائدة لا داعي لها بالأكل.
فائدة شيطان الصلاة اسمه (خنزب)
وشيطان الوضوء اسمه (وَلَهَان) بفتح الأحرف الأولى.
(ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعطي عالمنا حقه).