«حديث الطاعون» لا ينطبق على وباء انفلونزا الخنازير
ربط حظر السفر ببلورة الموقف الطبي قبل الشرعي .. فدعق:
«حديث الطاعون» لا ينطبق على وباء انفلونزا الخنازير
يميل الفقيه عبد الله فدعق إلى الرأي القائل: إن انفلونزا الخنازير «وباء»، لكنه يؤكد أن تحديد الموقف الشرعي له، لا يكون إلا بعد الرجوع إلى أهل الخبرة من الأطباء ووزارات الصحة، مشيرا إلى أن انفلونزا الخنازير ليس طاعونا ـ كما يقول البعض ـ ولو حكم عليه بأنه طاعون، سنجد أن واقعنا المعاصر يخبرنا أن طاعون الأمس ليس كطاعون اليوم، فقبل 14 قرنا كان الطاعون وباء مدمرا، يحسن فعلا تجنب الخروج أو الدخول من مواقعه، إلا أنه لم يعد مدمرا اليوم بالمستوى ذاته بفضل توفر ما يعالجه بأمر الله.
قرار السفر
وماذا تقولون عمن حرم السفر للبلدان التي يتواجد فيها إنفلونزا الخنازير؟
** منع السفر إلى البلدان التي بها إصابات بالمرض، يفهم منه عدم استقبال أي أحد من تلك الدول، وهذا أمر فيه عنت ويسبب الهلع والمشقة ويعطل العمرة والحج بل يقلل وربما يمنع الجماعات.
وماذا عن حديث الطاعون ؟
** نص الحديث الشريف الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هو: «إذا سمعتم به ـ أي الطاعون ـ بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه».
الإمام ابن حجر الهيتمي في فتاويه ذكر اختلاف العلماء في الخروج من البلد الذي وقع به الطاعون والقدوم عليه، وظاهر كلام الأئمة كابن عبد البر والقاضي عياض أن النهي للتحريم، وزاد الأخير أن أكثر العلماء على ذلك، وعلى ذلك أيضا جرى الإمام ابن خزيمة، ومن ثم قال التاج السبكي، وتبعه المحققون: مذهبنا ـ وهو الذي عليه الأكثر ـ أن النهي من الفرار للتحريم.
وكلام الإمام النووي في شرح مسلم صريح في تحريم القدوم كالفرار حتى قال: فيه منع القدوم على بلد الطاعون والخروج منه فرارا من ذلك، أما الخروج لعارض فلا بأس، هذا هو مذهبنا ومذهب الجمهور.
وقال القاضي عياض: وهو قول الأكثرين، ومنهم من جوز القدوم عليه والخروج منه فرارا، وهو المشهور من مذهب الإمام مالك، ثم قال: والصحيح ما قدمناه من النهي عن القدوم والفرار.
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح: أن من العلماء من أجاز ذلك لمن قويت عزيمته وعلم توكله وصبره على ذلك.
الأوبئة والأمراض
هل ما سبق ذكره من نصوص عن الطاعون فحسب، أم أنه يشمل كل الأوبئة والأمراض؟
** الشيخ ابن حجر الهيتمي نفسه قال في الفتاوى: وخرج بالفرار من محل الطاعون الفرار من أرض الوباء فإنه جائز بالإجماع، كما قاله الجلال السيوطي وعبارته بالتحديد: الوباء غير الطاعون، والطاعون أخص من الوباء، وقد اختص الطاعون بكونه شهادة ورحمة وبتحريم الفرار منه، والفرار من الوباء بغيره كالحمى وسائر أسباب الهلاك جائز بالإجماع.
قال ابن حجر، وما أشار إليه أي السيوطي من الفرق بين الوباء والطاعون هو ما عليه الأكثرون خلافا لبعض المالكية، وقال في موضع آخر: فيحرم الخروج منه فرارا والدخول إليه لغير حاجة، هو ظاهر هنا لأنه إذا جاز الخروج لحاجة جاز الدخول قياسا؛ إذ لا يظهر بينهما فرق.
إلى أي رأي تميل في هذا الموضوع؟
** الحقيقة النصوص والواقع ينشرح الخاطر بهما إلى الأخذ برأي الإمام السيوطي من أن الوباء غير الطاعون، ومنطوق كلامه رحمه الله يعني أن أنفلونزا الخنازير شيء والطاعون شيء آخر. واعتبار أن أنفلونزا الخنازير طاعون يوجب القول لمن في الخارج: «لا تعرضوا أنفسكم إلى التهلكة بالمجيء إلينا»، والقول للسعوديين منهم: «لا تعودوا إلى بلدكم»، والقول كذلك لكل من في داخل البلد «لا تخرجوا من منازلكم».
جريدة عكاظ ص 27 عدد الأربعاء غرة رجب 1430 هـ
__________________
على خطى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم
|