وبالسند الصحيح المتصل بالإمام يحي بن شرف النووي من كتاب رياض الصالحين إلى أن وصلنا إلى ختــام باب الوصية بالنساء
وَعَن مُعَاوِيةَ بن حَيْدَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَارَسُولَ الله ، مَاحَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْه ؟ قَال : (( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ ، وَلاَ تُقَبِّحْ ، وَلاَ
تَهْجُرْ إِلاَّ فِي البَيْتِ )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
الشرح :
•.¸ ¸.•°°•.¸.•
زوجة أو زوج كلاهما صحيح ولكن اللفظ القرآني كما في قوله تعالى : ( .. أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَك ) بلا شك هو الأصح.
(( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ )) : من باب المروءة أن الزوج كما يأكل ينبغي عليه أن يطعم زوجته مما يأكل ، وكما يلبس ينبغي عليه أن يكسوها مما يلبس ، فلا يحب لنفسه الخير ويكره لزوجته وما ينفقه على نفسه ينفق عليها .
بعض الرجال لديه هذه الصفات ، يهنأ باللقمة بدون زوجته .
هناك رجال ألهمهم الله بالتتبع لآثار النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يهنأ إلا مع أهله ، ولا يلبس الا بحسب لباسهم .
لو نظرنا لجميع المشاكل الموجودة نرى أن سببها أمران :
1- فقدان الغيرة .
2- موت المروءة والرجولة .
(( وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ )) : الرجل لا يضرب وإن ضرب يضرب من أجل التنبيه لا لأجل الإيلام .
الضرب والشتم أول الطريق لطريق الفرقة بمجرد البدء فيه ستبدأ البيوت تتهدم .
(( وَلاَ تُقَبِّحْ )) : أي لا تَعِيبَ في شكلها وتقول شكلك غير جميل لأن الإنسان عندما يعيب يعيب الصانع وهو الله تبارك وتعالى .
(( وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي البَيْتِ )) : الرجل إذا وصل لمرحلة النزاع فلديه طرق لحلها ومن أهمها : الهجران ولايكون إلا في البيت .
يكون الهجر الذي وضحه النَّبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم في فِي المَضَاجِعِ وعدم ادخالهنَّ تحت اللحف وأن يكون وجهه على جهة وهي على الجهة الأخرى .
لن يدوم الهجر طويلا لأن الله ضمن المودة والرحمة بين الزوجين .
على المسلم أن ينفذ ويراعي تلك الأوامر والتعاليم النبوية ففيها سعادة أبدية للبيوت.
*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ الله عَنه قَال : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم : (( أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً ، وَخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
الشرح :
•.¸ ¸.•°°•.¸.•
خُلُقَا بضم الخا واللام ، وخُلْقَا بضم الخا وتسكين اللام ، كلاهما صحيح في اللغة العربية .
خَلْقَا بفتح الخا وتسكين اللام بمعنى الشكل .
من مقاييس الخيرية التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم : حالتك في البيت .
هناك مقاييس كثيرة للخيرية منها خارجي : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس )) مقياس الخيرية بها تأمرون الناس بالمعروف وتنهون عن المنكر .
مقياس للخيرية داخلي : حالتك في البيت كيف تكون مع زوجتك وأهل بيتك .
من عاش سعيداً ومسالما داخل بيته تجده سعيداً خارج بيته ، والعكس كذلك بمن لم يكن سعيد في بيته .
قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم : رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها .. )) أخرجه الحاكم في المستدرك .
*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•
وَعَنْ إِيَاس عَبدالله بن أَبِي ذُبَاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم : (( لاَ تَضْرِبُو إِمَاءَ الله )) فَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم فَقَال : ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ ؛ فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم : (( لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ )) رواه أبو داود ، بإسناد صحيح . قوله (( ذَئِرْنَ )) هو بذال معجمة مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم راء ساكنة ثم نون ، أي : اجترأن . قوله (( أَطَافَ )) أي : أحاط .
الشرح :
•.¸ ¸.•°°•.¸.•
(( ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ ؛ فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ )) سيدنا عمر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له أن النساء بدأن يتجرأن ويجادلن بعد أن منعتنا من ضربهن ، فأذن صلى الله عليه وسلم بضربهن لكن بشرط التأديب وعدم الإيلام .
(( فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ )) بعد أن أذن الرسول صلى الله عليه وسلم بضرب الزوجات قام الأزواج بضربهن فأتت النساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون أزواجهن .
(( لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ ))
عادته صلى الله عليه وسلم الوعظ في وقت الوعظ .
من سمع كلام النبي فهو ليس من الخيار لأن الضرب لايكون فيه الإيلام ولا يكون إلا لأجل التنبيه ولا يتكرر .
قال صلى الله عليه وسلم : (( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))
المقصود بالخيرية :
1- الصبر على الزوجة وهي من أعلى مراتب الخيرية .
2- الإحسان إلى الزوجة .
3- طلاقة الوجه ؛ فلا يكون الرجل متجهماً كشراً في وسط البيت .
غريب أن نرى بعض الرجال في وسط بيته ومع أهله مكفهراً كشراً وما أن يأتيه اتصال من أحد أصدقائه نراه مبتسما سعيدا تغير حاله في غمضة عين !!
4- كف الأذى ؛ فنرى رجالاً يتفننون في أذية الزوجة .
*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•
وَعَن عَبْدُالله ببن عَمْرو بن العَاص رَضِيَ اللهُ عَنْهمَا أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم قَال : (( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ )) رواه مسلم .
الشرح :
•.¸ ¸.•°°•.¸.•
مقياس المرأة الصالحة وكما فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر : (( إِذَا نَظَرْتَ الَيْهَا سَرَّتْكَ ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ ، وَإِذَا أَقْسَمْتَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْكَ ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِكَ )) .
(( إِذَا نَظَرْتَ الَيْهَا سَرَّتْكَ )) : فبمجرد أن ينظر اليها يفرح لا يجدها شعثة شعرها غير مرتب .
الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الرجل أن يدخل على أهله طروقاً أي بالليل حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة
تستحد المغيبة : المغيبة هي الغائب عنها زوجها ومعناه : أي تستعمل الحديد لإزالة شعرها
تمتشط الشعثة : ترتب شعرها وتسرحه .
((وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ )) : الزوجة واجب عليها طاعة زوجها في غير معصية الخالق .
((وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِكَ )) .
*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•*°••.¸.•°°•.¸ ¸.•°°•.¸.•
وَصَلَّى الله تَعَالَى عَلَى سَيدِنَا مُحَمَّد وَعَلى آلِه وَصَحبِه وَسَلِّم
__________________
|