رضي الله عنكم
وبالسند الصحيح المتصل من كتاب رياض الصالحين للإمام النوويإلى أن وصلنا إلى ختام باب النفقة على العيال
شرحفضيلةالسيد الدكتور عبد الله فدعق
وبه إليه :عن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في حديثه الطويل الذي قدمناه في أول الكتاب في باب النية أن رَسُول اللَّه ِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال له: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللَّه إلا أجرت بها حتى ماتجعل في في امرأتك)مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
هذا بيان على أن الأمور المباحة إذا قرنت بنية صالحة استفاد منها الإنسان وأثيب عليها.
إذا رافق العمل نية طيبة ارتقى العمل ليؤجر عليه.
قاعدة شرعية (للوسائل حكم المقاصد)
قاعدة غير شرعية لابد من تحريرها (الغاية تبرر الوسيلة) والأصح عند المسلمين (الغاية تقرر الوسيلة)
فإذا كانت غايتك شريفة فالوسيلة لابد أن تكون شريفة.
ومثل ذلك إذا أخذ الإنسان لقمة ووضعها في فم امرأته ونوى بذلك نية طيبة أجر عليها، كان الرسول عليه الصلاة والسلام يسأل السيدة عائشة عن موضع فمها من الكأس ليشرب من نفس الموضع وكذلك عند الأكل، المهم أن لا يفعل ذلك أمام الناس وفي الأماكن العامة وذلك حفاظا على المروءة ومراعاة لمشاعر الأخرين.
وبه إليه: عن أبي مسعود البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
المقصود بأهله هو زوجته وابنائه وأقربائه
والأجر هنا هو أجر صلة الرحم.
وبه إليه: عن عبداللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال،قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)حديث صحيح رواه أبوداود وغيره.
ورَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه بمعناه قال: (كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته)
وفي رواية أن يضيع من يعول
ويشمل ذلك تأخير رواتب الموظفين والعمال فيحاسب على ذلك
إذا كلف انسان بإطعام من هم تحته من أبناء ومن يعول فإن الله يحاسبه إذا ضيعهم.
البخل قبيح وهذ لايناقض الادخار.
قوله (كفى بالمرء إثما) هذا القول على سبيل التنفير مثال قوله (أعظم الذنوب ...)
وبه إليه: عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (مامن يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)مُتَّفَق ٌعَلَيْهِ.
الحديث واضح بأن الملائكة لهم وظائف مختلفة ولكل ملك وظيفة خاصة من ضمنها ملكان يدعوان يوميا في الصباح بهذين الدعائين وإذا دعا الملكان بذلك أجابهم الله مباشرة.
والسلف الصالح كان يهتم بالصدقة وينفق فورا بعد صلاة الصبح تحريا لدعوة الملك له بالخير، وكانوا يرتبوا صدقاتهم فبعضهم يجعلها في الماء والبعض في التمر أو الخبز، بعضهم يتقاول مع أصحاب المخابز شهريا ليخرج طاولة الخبز صدقة.
وأفضل الصدقات هو ما تحبه أنت وما يحبه هو، قال تعالى (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)
وإن كنت لاتملك ما يحبه فمما تملك، في المثل (أعطي حبيبك موجودك)
الامساك نوعان (امساك عن الواجبات وامساك عن المباحات) المقصود هنا هو الامساك عن الواجبات فيجازيه الله بالسلب (سلب المال سلب الصحة العلم الجاه ... الخ)
الله يحرك مالم يظنه العبد أنه سيتحرك. الله لايتعرض انسان بالتلف إلا في حالة البخل.
وبه إليه: عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ماكان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه اللَّه، ومن يستغن يغنه اللَّه)رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
اختلف العلماء في أيهم اليد العليا والسفلى المعطيه أم السائلة، ولكن أكثر الاقوال وأصحها أن اليد المعطيه هي العليا والسائلة هي السفلى
من تعول الزوجة والأبناء وإن نزلوا والآباء وان علوا
خير الصدقة ماكان عن ظهر غنى أي أنت تحتاج وتعطي
من يستعفف يعفه الله، معايير الفقر اختلفت فأصبح الجوال والتلفزيون ضرورة، الثالوث الخطير (الفقر والجهل والمرض) فإذا اجتمعوا في شخص كانت كارثة وقد يكون لذلك اثار خطيرة.
من يستغني يغنه الله، قال الرسول عليه الصلاة والسلام (طعام الاثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة)
الجوع في العين، إذا الانسان نوى الغنى فغن الله يغنيه.
ملاحظة: كان مناسبا مع هذا الباب (النفقة على العيال) أن تكون بركة قراءة الأحاديث يستأثر بها النشء المبارك حيث أختار فضيلة السيد عدد من الناشئة ليقرءوا عليه أحاديث باقي الباب