دروس مستفادة شرح فضيلة الدكتور السيد عبدالله فدعق
باب بر الوالدين وصلة الأرحام
312- وعن أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أي العمل أحب إلى اللَّه قال: (الصلاة على وقتها) قلت: ثم أي قال: (بر الوالدين) قلت: ثم أي قال: (الجهاد في سبيل اللَّه) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
313- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
314- وعنه أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
315- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إن اللَّه تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائد بك من القطيعة. قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت: بلى. قال: فذلك لك) ثم قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم؛ أولئك الذين لعنهم اللَّه فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد 22، 23) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية للبخاري: فقال اللَّه تعالى: من وصلك، وصلته ومن قطعك قطعته).
316- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: جاء رجل إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ من أحق الناس بحسن صحابتي قال: (أمك) قال: ثم من قال: (أمك) قال: ثم من قال: (أمك) قال: ثم من قال: (أبوك) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: يا رَسُول اللَّهِ من أحق الناس بحسن الصحبة قال: (أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك).
و (الصحابة) بمعنى: الصحبة.
وقوله: (ثم أباك) هكذا هو منصوب بفعل محذوف: أي ثم بر أباك. وفي رواية (ثم أبوك) وهذا واضح.
317- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
318- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وتسفهم) بضم التاء وكسر السين المهملة وتشديد الفاء.
و (المل) بفتح الميم وتشديد اللام وهو الرماد الحار: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه وإدخالهم الأذى عليه، والله أعلم.
في هذا الحديث مسالة مهمة هي ان التأيد واللطف يستحقها صاحب الخصال الطيبة ومن ابرزها الواصل للرحم )ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك)
فمن كان كذلك لا تصيبه حسرة القاطعين كانهم يسفون التراب-الرماد الحار-فكأنما تسفهم المل،
319- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى (ينسأ له في أثره): أي يؤخر له في أجله وعمره.
ومن الاثر الطيب لصلة الرحم سعة الرزق والزيادة في الاثر وهي البركة في العمر-الاطالة الفعلية في العمر-الدعوة المباركة لسيدنا ابراهيم عليه السلام واجعلي لسان صدق في الاخرين ذكر حسن وسمعه طيبة -يبارك له في عقبه اولاده يعملون الطاعات
ومن اسباب الزيادة البركة في العمر الصدقة فبالشكر تدوم النعم كذا كثرة المعاصي تزيل النعم
اقل صلة الرحم عدم الهجران اعلاها التزاور والتهادي
ينسا اي يزاد-انما النسئ زيادة في الكفر-
320- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. فلما نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} (آل عمران 92) قام أبو طلحة إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ إن اللَّه تبارك وتعالى يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند اللَّه فضعها يا رَسُول اللَّهِ حيث أراك اللَّه. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (بخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) فقال أبو طلحة: أفعل يا رَسُول اللَّهِ. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وسبق بيان ألفاظه (انظر الحديث رقم 297) في باب الإنفاق مما يحب.
الشاهد في هذا الحديث -وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) فافضل الصلات صلة الرحم وهي على درجات منها القريبة والبعيدة واقربها بر الام والوالدين فكما في معنى الحديث من كان له ام فليلزمها فالجنة تحت قدميها وفي رواية تحت رجليها
321- وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال أقبل رجل إلى نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من اللَّه تعالى. فقال: (فهل من والديك أحد حي ) قال: نعم بل كلاهما. قال: (فتبتغي الأجر من اللَّه تعالى ) قال: نعم. قال: (فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ مسلم.
وفي رواية لهما: جاء رجل فاستأذنه في الجهاد فقال: (أحي والداك ) قال: نعم. قال: (ففيهما فجاهد).
الشارع الحكيم يسقط عن الانسان الهجرة والجهاد الا باذن الوالدين هذا فيما عدا الجهاد المتعين فالشخص الذي لايستطيع ان يقيم الشرائع يهاجر فرارا بدينه
322- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
و (قطعت) بفتح القاف والطاء و (رحمة) مرفوع.
درجات التواصل ثلاث -الشخص المواصل الاازوره ويزورني-المكافئ من يزورني ولا ازوره-المقاطع من لا يزور ولا يزار
اجر الصلة من الله تعالى
323- وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله اللَّه، ومن قطعني قطعه اللَّه) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عند العلماءالاختلاف على سبيل الحقيقة ام المجاز فالرحم معلقة بعرش الرحمن كناية عن عظم شان الرحم وصلتها اما كيفية ذلك لايعلمها سوى الله تعالى