أحد أبرز رموز الفقه الشافعي والتيار الصوفي بالسعودية يتحدث لـ"إسلام أون لاين"
فدعق: أستقبل رمضان بالإحرام وأوصي بالصحبة الصالحة
حوار/ حسن عبده
يعتبر الدكتور السيد عبدالله فدعق، أحد أبرز رموز الفقه الشافعي والتيار الصوفي بالسعودية، حصل على البكالوريوس في الدعوة وأصول الدين، والماجستير في التربية، والدكتوراه في القانون الإسلامي، وهو فقيه ومفكر إسلامي، أخذ العلوم الإسلامية عن عدد من العلماء في المسجد الحرام وغيره، أبرزهم جده الإمام الشيخ السيد حسن فدعق، إمام الشافعية بمكة المكرمة، وفي العام 1998م أخذ السيد عبد الله فدعق موافقة والده على إنشاء جلسة أخرى له في مدينة جدة، تقام كل يوم أحد بشكل مستمر، حيث يقوم بتدريس أمهات كتب العلوم الإسلامية، بالإضافة إلى الفعاليات الإسلامية والدعوية والإرشادية.. ولكن ما هو حاله في رمضان؟ هذا ما سيحاول "إسلام أون لاين" التعرف عليه من خلال حواره مع المفكر الإسلامي د. فدعق، وإليكن نص الحوار:
أول ليلة في رمضان
* كيف تبدأ معك أول ليلة في رمضان.. هل هناك تقليد اجتماعي أو أسري معين؟
- في الماضي كانت أول ليلة من رمضان نلتف فيها حول جدي، وتلاه والدي، بهدف التعرف على الآيات والأحاديث التي تؤكد أهمية رمضان وأهمية اغتنام أيامه ولياليه، فكانت أول ليله بمثابة الوعظ والإرشاد لكل أفراد العائلة. * وماذا عنكم حاليا، ماذا تفعلون في أول ليلة من رمضان؟
- ما أفعله أنا على مستواي الشخصي أني بمجرد دخول أول ليلة من رمضان أجمع من تحيطه شفقة قلبي وجدران بيتي، وأنوِّيهم صيام الشهر وهذه من العادات التي توارثناها، والحمد لله لم نقطعها، إذ بمجرد إعلان الشهر أجمعهم ليرددوا خلفي "نويت صوم شهر رمضان عن هذه السنة فتقبله منا يا رب العالمين"، وهي لحظات إيمانية عجيبة؛ شخص يدعو والبقية تؤمِّن, شيء في غاية الجمال. هذا بخلاف النية اليومية كل ليلة من رمضان، إما بعد الإفطار أو بعد التراويح أو عند السحور.
ومن عادتي التي أحرص عليها، أنه بمجرد ما يعلن المعلن أن رمضان قد دخل أسارع إلى الاغتسال ولبس ملابس الإحرام كي أستقبل الشهر بعمرة, وهذه عادة استبشر بها وتفرح خاطري. * ما أشهر العادات التي كنت تقوم بها في رمضان أيام شبابك، وترى حاليا إنها اندثرت؟
- أنا أسمي كبير الأسرة أو رئيس العائلة عمود الخيمة, وعندما ينتقل إلى جوار ربه تهتز الخيمة وتسقط, والأشياء التي كانت أيام الجد وأيام الوالد، أحاول أن أحافظ عليها. * مثل ماذا؟
- مثل الاجتماع لاستماع درس عن رمضان، وعن فضل إحياء أول ليلة منه, كل منا يقيمه الآن في بيته، وقديمًا كانت تقام في بيت رئيس العائلة والكل من حوله.
البرنامج الرمضاني
* كيف يكون برنامجك اليومي في رمضان؟
- برنامجي في رمضان لا يختلف عن أيامي العادية قيد أنملة، فرغم السهر في رمضان أستيقظ مبكرًا, وبعد حصة الرياضة المعتادة أتواجد في مكتبي في موعدي العادي، والشيء الوحيد المتغير هو التخفيف من الدروس المعتادة وتحويلها إلى دروس رمضانية, مع زيادة وردي اليومي من القرآن الكريم، وفي نفس الوقت لا أقبل أية دعوة إفطار أو سحور إلا على مضض؛ لأننا تعلمنا أن رمضان ميزان لا يقبل غيره، بمعنى أنه ليس للمسلسلات أو للطعام أو للتسوق، فهو فرصة لزيادة رصيد الإنسان من الجرعات الإيمانية. * دروسك في رمضان كيف تنتقيها، مع إشكالية تكرار موضوعات رمضان؟
- رمضان حافل بمناسبات رمضانية خاصة به، وكل مرة يستطيع الإنسان أن يأخذ من هذه الدروس دروسًا أخرى جديدة مختلفة، يطبقها على أرض الواقع، مثلاً: نزول القرآن، غزوة بدر، فتح مكة، وغيرها، فليس المقصود السرد التاريخي لهذه الأحداث، هذه أمور يعرفها الإنسان بمجرد أن يقرأ أي كتاب في السنة والسيرة، لكن المهم هو كيف يمكن ربطها بالواقع, هنا تكمن الموعظة والدعوة، فالقرآن تنزلاته العلمية لا تنقطع، غزوة بدر مثال مهم على التوكل على الله, وفتح مكة دليل كافٍ على العفو عند المقدرة.
عادات اندثرت
* ما أبرز العادات التي كانت في المسجد الحرام قديمًا؟ وغير موجودة اليوم؟
- أغلب الأهالي كانوا يفطرون في الحرم الشريف، بحكم أن البيوت كانت حول الحرم، الآن البيوت أصبحت بعيدة عن الحرم, والتواجد اليومي قد يصعب. صلاة التراويح كنا نصليها جماعة في البيوت، وإلى الآن هي فرصة لمراجعة القرآن، كل شخص من العائلة يصلي إمامًا ركعتين، وسابقًا كان الناس يصلون في الحرم المكي التراويح مع الإمام الراتب، وبعد أن تنتهي يصلون تراويح أخرى في صحن المطاف، على شكل مجموعات صغيرة من الطلاب حفاظ كتاب الله، يراجعون كامل المصحف في صلاتهم، ويختمونه عدة مرات في الشهر. * ولماذا لا تقومون بإحياء هذه العادة من جديد؟
- الآن غير متصور هذا الأمر، سابقًا كان عدد المعتمرين والطائفين أقل، كما أن الأمر قد يفهم على نحو مختلف, وبالنسبة للتراويح في البيوت فإن السادة المالكية حبذوا إقامتها في البيوت, ستة وثلاثين ركعة, شريطة أن لا تنقطع عن المساجد. * علاقتك مع أسرتك وتلاميذك، كيف تكون في رمضان؟
- بطبعي لا أميل إلى العزلة، وأجتمع أحيانًا مع أسرتي وأحيانًا مع تلاميذي، نصلي سويًّا ونفطر سويًّا, ويجمعنا العِلم أيضًا بحمد الله. * ما طعامك المفضل على الإفطار أو السحور في رمضان؟
- هناك وجبات مفروضة عليك عرفًا في رمضان، مثل الشوربة والسمبوسك في الإفطار، والسمك في السحور، والبليلة بينهما، وشخصيًّا ليس الأكل عندي مهمًّا, يعرف هذا أهل بيتي وطلابي، والأكل عندي آخر شيء أفكر فيه، ولا أحب أبدًا قول: "أنا جائع". * ما أهم العادات غير التعبدية التي تحرص على القيام بها في رمضان؟
- أحرص على التواصل مع من أحبهم في رمضان، والاطلاع والقراءة والكتابة، خاصة بعد أن صرت أكتب مقالات أسبوعية، فاختيار الفكرة وإيصالها للناس ليس بالأمر السهل. * ماذا ناقش آخر مقال لك؟
- تحدثت عن المفطرات في رمضان، وتناولت فيه بعض الأمور التي ما زالت تنتظر الإفتاء فيها حتى الآن. فبخاخ الربو والتبرع بالدم والمنظار والحجامة مثلاً منذ أكثر من عشر سنوات وهي ما تزال حبيسة الأدراج، وتنتظر الحكم الجماعي عليها، هل هي من المفطرات أم لا؟.
نصيحة رمضانية
* هل تسافر في رمضان، أم تحب الإقامة في مكان واحد؟
- إذا دعيت أحاول أن ألبي، لكن مع تقصير المدة، فالذي دعاك لم يدعوك إلا تقديرًا لك، ثم إنها فرصة للتواصل العلمي. وكذلك أحرص في رمضان على أن تكون لي رحلة إلى المدينة المنورة أزور فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد أختم القرآن هناك. * كلمة أخيرة أو نصيحة رمضانية توجهها للمسلمين؟
- دائما أوصي أصحابي بالصحبة الصالحة في رمضان، فصحبة الصالحين خير سبيل لاستثمار هذا الشهر الفضيل، الذي يعد بلوغه نعمة كبيرة توجب استمرار شكر المولى جل وعلا. ومن المهم كذلك مراعاة حرمة رمضان، فحسناته مضاعفة وسيئاته أيضًا, وللأسف هناك معاصٍ والعياذ بالله لا يرتكبها البعض إلا في رمضان، وأخيرًا أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المقبولين والموفقين, وأسأله سبحانه أن يرحم والدينا ومشائخنا ومعلمينا، وسائر من منعهم القضاء عن الوصول إلى رمضان, وأن يطيل أعمارنا في طاعته.
الإهداءات
« آخـــر الــمــواضــيــع »
17-08-2010, 08:23 PM
السيد الدكتور الفدعق في حوار مع اسلام اون لاين نت
